لماذا ايها الامة؟
لماذا تستفحل الأمية في دياركم، والأمراض في أجسادكم، والتخلف في مدارسكم وجامعاتكم، والقسوة مع رجال أمنكم، والطائفية في فكركم، والرشوة في معاملاتكم، وتكثر السجون والمعتقلات، ويشير الحاكم المستبد لأي عدد من رجال أمنه فيتحولون إلى وحوش كاسرة لا يردعها دين، وتجد أمامها حملانا خائفة لا يمنحها الدين القوة، ونبل المعارضة، وجمال الرفض، والإيمان بأن الانسان كرّمَه الله فلا يجب أن يحني جبهته لغير الله العزيز الحكيم؟
معجزة القرآن الكريم هو أنه لكل زمان ومكان، أي أنكم تستخرجون منه ما يجعلكم حَمَلة مشعل الحضارة والتمدن والتحضر والعلم والأخلاق والحرية، فإذا بكم تُحَضّرون أرواح الموتى، وتسألون مَنْ مرت على صعود روحه ألف عام عن معنى كلمة ( اللهو ) في أبلغ كتاب بلغتكم، فتقول لكم روحه بأنه كان يقصد الموسيقى والغناء ولو كان وطنيا ودينيا ويتغزل في الطبيعة، ويمتدح الجمال، وينقل للروح غذاء ينقيها وينعشها ويسعد صاحبها بهجة وغبطة، بل إنكم تنسبون إلىَّ كملك العصاة أن الكلمات الراقية الجميلة التي ينسجها مبدع ويضع موسيقاها من كان جمال الحياة توأمه هي مزامير الشيطان، وكأنكم تتغزلون في إبليس، وتمتدحون ذوقه الرفيع!
لماذا خنقتم أنفسكم، وربطتم ألسنتكم، وكبلتم أيديكم، وسددتم كل فتحة لتهوية العقل أمام أكبر خصومه وهي الفتاوى الفجة والساقطة والحمقاء والهابطة فلم يعد للانسانية أي معنى، وللاجتهاد أي فائدة فأنتم تستفتون في كل شيء كأنكم أصبحتم عبيد أناس عاشوا منذ مئات الأعوام وأورثوكم حبلا غليظا يلتف حول كل مسامات الجسد والعقل؟
تسألون عن زواج الجنية من مسلم، وعن فحولة الرجل وانة لا يتوقف عن ممارسة اللذة مع عشرات من الحور العين، وعن خروج المرأة ولو كانت أستاذة جامعية أو مربية أجيال من بيتها بدون مَحْرَم، وعن الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر فتبحث الفتاة في العلوم والآداب واللغات، وأنتم تستفتون إن كان جلوسها بدون مَحْرَم في بيتها، وفي غرفتها وفوق فراشها حراما أم حلالا!
فتاوى أكثر خطرا من كل الحروب التي شنها خصوم المسلمين عليهم، فإذا سألتَ مسلما فلديه إكليشيه جاهز يجنبه مشقة التفكير، بل يحرضه على ملاسنة وطعن من يدعوه للتعقل، فالعقل، كما يراه المسلم، هو في لسان شيخ جليل يقرأ في الدين ولو كان لا يعرف عن العصر ذرة من علوم الدنيا.
تقبلوا مني التحية