أخلاقنا إلأسلامية
الأخلاق هي عنوان الشعوب
, وقد حثت عليها جميع الأديان, ونادى بها المصلحون,
فهي أساس الحضارة, ووسيلة للمعاملة بين الناس وقد تغنى بها الشعراء في قصائدهم ومنها البيت المشهور لأمير الشعراء foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? شوقي
(وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت .... فـإن هُمُوُ ذهبــت أخـلاقهم ذهــبوا))
وللأخلاق دور كبير في تغير الواقع الحالي إلى الأفضل إذا اهتم المسلم باكتساب الأخلاق الحميدة والابتعاد عن العادات السيئة ، لذلك قال الرسول " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " فبهذه الكلمات حدد الرسول الكريم الغاية من بعثته أنه يريد أن يتمم مكارم الأخلاق في نفوس أمته والناس أجمعين ويريد للبشرية أن تتعامل بقانون الخلق الحسن الذي ليس فوقه قانون, إن التحلي بالأخلاق الحسنة, والبعد عن أفعال الشر والآثام يؤديان بالمسلم إلى تحقيق الكثير من الأهداف النبيلة منها سعادة النفس ورضاء الضمير وأنها ترفع من شأن صاحبها وتشيع الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع المسلم وهي طريق الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة.
فالأخلاق الإسلامية هى الأخلاق والأداب التي حث عليها الإسلام وذكرت في القران الكريم و السنة النبوية, أقتداء بالنبي محمد الذي هو أكمل البشر خلقا لقول الله تعالى عنه (وانك لعلى خلق عظيم) سورة القلم, وقد عرف الشيخ محمد الغزالي رحمه الله الأخلاق بأنها " مجموعة من العادات والتقاليد تحيا بها الأمم كما يحيا الجسم بأجهزته وغدده "
الاختلاف بين الأخلاق الإسلامية والأخلاق النظرية
فمصدر الأخلاق الإسلامية الوحي، ولذلك فهي قيم ثابتة ومثل عليا تصلح لكل إنسان بصرف النظر عن جنسه وزمانه ومكانه ونوعه، أما مصدر الأخلاق النظرية فهو العقل البشري المحدود أو ما يتفق عليه الناس في المجتمع «العرف»، ولذلك فهي متغيرة من مجتمع لآخر ومن مفكر لآخر.
مصدر الإلزام في الأخلاق الإسلامية هو شعور الإنسان بمراقبة الله عز وجل له، أما مصدر الإلزام في الأخلاق النظرية فهو الضمير المجرد أو الإحساس بالواجب أو القوانين الملزمة.
خصائص الأخلاق الإسلامية
التوازن بين مطالب الروح والجسد فلا تمنع حاجة الجسد من الشهوات والرغبات بل تضعها في إطارها الشرعي،فقال الله تعالى {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ}الأعراف32 ، فمن حق الإنسان في إشباع رغباته بالضوابط الشرعية مع إشباع الروح بالذكر والطاعة والعبادة
الأخلاق الإسلامية صالحة لكل إنسان ولكل زمان ومكان مع اتصافها بالسهولة واليسر ورفع الحرج فيقول الله تعالى سبحانه {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}الحج78 {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا}البقرة286
لا يحكم على الأفعال بظاهرها فقط ولكن تمتد إلى النوايا والمقاصد والبواعث التي تحرك هذه الأفعال الظاهرة يقول صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات).
مبادئها تقنع العقل وترضي القلب، فما من نهي شرعي إلا معه مسوغات ودوافع تحريمه فيقول الله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً }الإسراء32 وقوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ }المائدة90-91 ، وكذلك الأخلاق الإسلامية تقبلها الفطرة السليمة ولا يرفضها العقل الصحيح
مكارم الأخلاق
من مكارم الأخلاق الصدق والأمانة والحلم والأناة والشجاعة والمروءة والمودة والصبر والإحسان والتروي والاعتدال والكرم والإيثار والرفق والعدل والحياء والشكر وحفظ اللسان والعفة والوفاء والشورى والتواضع والعزة والستر والعفو والتعاون والرحمة والبر والقناعة والرضى.
الأخلاق.. اختلاف التعريف والنظرة
بحثت البشرية علم الأخلاق وعبر تاريخها بشيء من العلمية أحياناً وبنوع من السفسطة والغموض أحيانا أخرى، وعُدّ بعض كبار الفلاسفة بأنهم فلاسفة أخلاق، وقد وقع جل الاختلاف في وصف هذا العلم والقواعد العامة الخاصة به، وكذلك في من يضع القيم الأخلاقية، وقد عرّف علم الأخلاق بأنه (مجموعة من المبادئ المعيارية التي ينبغي أن يجري السلوك البشري على مقتضاها)(1) بحيث تكون هذه المبادئ هي صمام الأمان الذي يحدد وجهة سير الإنسان في تعامله مع غيره وربما يتعدى هذا الغير الإنسان فيشمل باقي الكائنات الأخرى التي تتعايش معه.
والأخلاق لغة جمع خُلُق إلا أن دلالة الكلمة اختصت بعلم معين ويقابلها في اللغات الأوربية كلمة morale بالفرنسية وmorals بالإنكليزية والمأخوذة من المصدر اللاتيني mores.
وعرّف علم الأخلاق بعدة صيغ، ففي معجم (لالاند) يصفه بإنه:
(مجموع قواعد السلوك مأخوذة من حيث هي غير مشروطة) أو هو (نظرية عقلية في الخير والشر، وبهذا المعنى تتضمن الكلمة أن النظرية تنحو نحو نتائج معيارية).
ويعرف لوسن الأخلاق بأنها (مجموع متفاوت النسق من التحديدات المثالية، والقواعد والغايات التي يجب على الأنا أن يحققها بفعله في الوجود حتى يزداد هذا الوجود قيمة) ويلاحظ في هذا التعريف أن الإغراق في الذات بحيث تصبح هي منتجة الخُلُق الذي تبتغيه.
والأخلاق عند جوليفيه هي (العلم الباحث في الاستعمال الواجب لحرية الإنسان ابتغاء بلوغه غايته النهائية)(2).
ويرى (جورج جوسدورف) بأن الأخلاق هي (طريقة معينة للنظر إلى مجهود التعبير عن الإنسان في العالم)(3) وهذا التعريف يفترض أن أفعال الإنسان هي التي تخلق وجوده بينما الأفعال فهي للتعبير عن نفسه في العالم.
والتعريفات السابقة وإن كانت متفاوتة من حيث تحديد غاية الأخلاق ومن حيث خضوع هذه التعريفات لمذاهب ونظريات واضعيها، إلا أن شيئاً واحداً يجمع بينها وهو أن الأخلاق هي مبادئ معيارية، أي أنها ليست نظرية تصف وتصدر أحكاما واقعية بل أحكام تقويمية (أوامر) تأخذ صفة الإلزام قانوناً أو عرفاً ولا يستثنى من ذلك أي مجتمع من المجتمعات. والأخلاق وإن اختلفت البنود التي يتفق عليها عقلاء المجتمع أو الموروث أو الاختلاط الثقافي بين الأمم، يمكن أن ترسو عند قاعدة عمومية يكون فيها الفرد محكوماً بأخلاق غيره، فالهندي الذي يعبد البقر والزرادشتي وغيرهم ملزمون ببعض الأعراف بحكم وجودهم ضمن المجتمع الإسلامي، وكذلك العكس صحيح فالمسلم في المجتمع الهندي يلزم ببعض الأعراف ومنها عدم إهانة عقيدة الآخر مع ما فيها من كفر وفساد يأمره دينه الذي قام على الإيمان والفضيلة بمحاربتها، ولكن الفقهاء اليوم يفتون بضرورة احترام المسلم لغيره في المجتمعات الكافرة وذلك بضرورة احترام قانونهم.
الأخلاق بين الثبات والتغيّر
من بين كل العلوم (النظرية) ينفرد علم الأخلاق بقابليته للتغير واستبدال مفاهيمه حسب ظروف المكان والزمان ويشبه الأمر إلى حد ما تطور اللغة في بعض الأوجه، حيث تدخل بعض المفردات الغريبة إلى اللغة ومن ثم تصبح جزءاً منها، وكذلك في القواعد الأخلاقية بصورة عامة فإنها تقع تحت تأثير عوامل التغير، فتكسر بعض القواعد الأخلاقية، لتحل محلها قواعد مهجّنة تصبح فيما بعد قواعد أخلاقية أصيلة في بيئتها ومجتمعها، وهنا لابد من الإشارة إلى أن قوانين الأخلاق الإسلامية لا تخضع للتغيير بهذه الطريقة، ولكنها لا تشذ عن تطور أخلاق الأمم والشعوب وهذا الأمر نراه وكما أسلفنا، في حالة تعايش المسلم مع المجتمعات الأخرى وضرورة احترام قوانين الغير، وهذا ما لم يكن محدداً بالكيفية التي نراها اليوم، إلا أن هناك إشارات في القرآن الكريم والحديث الشريف وضع من خلالها علماء الأمة قاعدة (الضرورات تبيح المحظورات) موضع التنفيذ من أجل الحفاظ على حياة المسلم واستمراريته في أداء دوره الإنساني، وهناك أمثلة كثيرة من هذا النوع إلا أنها تتطلب دراسة اختصاصية لربط دورها في عملية التغيير في السلوك والأخلاق البشرية كالتقية مثلاً والاستثناءات الخاصة ببعض المعاملات، وحتى في العبادات.
وتمتاز الشريعة الإسلامية، بأنها أول من وضع تشريعاً كاملاً للأخلاق، فالقانون الأخلاقي في الإسلام يلزم أفراده إما عن طريق العقوبة الدنيوية أو الأخروية أو بالثواب والجزاء العاجل والآجل أيضا، وهنا لابد من الإشارة إلى أن التغيير الذي يحصل لا يشمل مجموعة القيم والنظم الأخلاقية الأساسية التي ثبتها القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف وأحاديث وسيرة أهل البيت(ع) وإنما تقع دائرة التغيير في مجال الآداب والتي يمكن تصنيفها ضمن المستحبات في التشريع بينما تقع الأخلاق ضمن الحقلين الآخرين في التشريع الإسلامي وهما الواجبات والمحرمات، ففي حقل الآداب يكون المسلم مخيراً في بعض الحالات بين البقاء على الآداب السابقة أو المعدلة وفي أخرى يلزم باتباع إحديهما بحسب الظرف الزماني والمكاني، وهنا ترتبط بعض مفاهيم علم النفس وظواهره مع ظواهر علم الاجتماع رغم كونه مستقلاً من حيث النظرية وارتباطه بفسيولوجية الإنسان، فمثلاً يرجئ علم الاجتماع بعض الجرائم التي يرتكبها الإنسان إلى المنشأ النفسي (المرضي) وتأخذ بعض القوانين الوضعية هذا العامل سبباً في تبرئة المجرم كونه غير مسؤول مباشرة عن جرمه، وربما يدخل تطور علم النفس في عملية التغيير في هذا المجال، حتى في القانون الإسلامي، لأن الدين الإسلامي دين قابل للتطور في قوانينه إذا ما كان هذا التطور
تقبلوا مني التحة