لا اعتقد بأن النظام الصدامي المقبور كان ليسمح بتحقق نموذج الثورة التونسي أو المصري، على الإطلاق، بل ما كان ليسمح بأية إصلاحات ولو جزئية و تغيير مساره الاستبدادي حكماً وثقافة،و لقام بقمع وتدمير اي مطالب للشعب العراق تتعارض مع مساره. و لا تزال فظائع ذلك النظام المقيت ما ثلة في ذاكرة المجتمع الدولي، من حلبجة إلى الأهوار، اريد ان اذكر بان إسقاط النظام ما كان ليتم من دون تدخل عسكري مباشر، وهذه حقيقة يتفق عليها غالبية العراقيين ، لكن هل يمكن القول إن هذه العملية قدمت مشروعاً حقيقياً لعراق ما بعد صدام حسين؟ النوايا الحسنة وحدها ليست كافية لبناء بلد خارج من أتون حروب مدمرة ونظام استبدادي خرب بنياته الحضارية والبشرية وزعزع منظومة القيم ، وقد أسهمت عوامل هيمنة المنظومة العقائدية والأيديولوجية بتعطيل عملية التحول الحقيقي نحو الديمقراطية، بما يسمح بصعود التيارات الدينية المتطرفة وتوفر بيئة لاحتضان التطرف والإرهاب.
و اقترح البعض بان على القوات متعددة الجنسيات المغادرة حال سقوط النظام، لكن العملية ليست بهذه البساطة، فالمنظومات الصدامية و القاعدية و المليشياتوية لا تزال قائمة، وقد أتاحت ظروف الحرب الفرصة لبروز تيارات متطرفة تعمل بأجندات أقطاب إقليمية، وكان من الممكن ببساطة شديدة أن يتحول البلد إلى ولايات تحكمها جماعات دينية متطرفة وقد عملت أطراف إقليمية ليست خافية على المواطن العراقي على إشعال فتيل الحرب الطائفية التي لولا مساعدة القوات الأميركية في ملاحقة الجماعات المسلحة لما انطفأت حرائقها، بل كانت هناك خطط إقليمية لدعم انقلابات عسكرية لعودة البلد إلى المنظومة الأيديولوجية ذاتها. الأمر أصبح الآن مختلفاً، بمزيد من التحوطات السياسية والأمنية، وباستكمال التجهيزات الفعالة لقوى الأمن العراقي وتأهيل المؤسسات العسكرية، وبتفعيل الاتفاقية الإطارية والأمنية الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، يكون البلد قد وضع قدميه على خط الشروع لبناء الدولة وترسيخ الديمقراطية.
العراق في مرحلة انتقالية حرجة و بحاجة لتقوية علاقاته بجميع الدول العربية و العالمية التي تريد انجاح مشروع العراق الديمقراطي و التي تعمل على تدعيم الدولة العراقية المستقلة, فالعراق يجب ان لا يكون بمعزل عن دول العالم او دول المنطقة لاجل اختصار الزمن لاعادة بناء وطننا و مواكبة دول العالم في النهوض الحضاري .