في العام السابع من الهجرة النبوية الشريفة، توجّه النبي(صلى الله عليه وآله)على رأس جيشه لفتح حصون خيبر الحصينة وأرسل إليها بعض أصحابه فلم يصنعوا شيئاً، فعن بريدة قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ربما أخذته الشقيقة فيلبث اليوم واليومين لا يخرج، فلما نزل رسول الله(صلى الله عليه وآله)أخذته الشقيقة فلم يخرج الى الناس، وأن أبا بكر أخذ راية رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ثم نهض فقاتل قتالاً شديداً ثم رجع، فأخذها عمر فقاتل قتالاً شديداً هو أشد من القتال الاول، ثم رجع فأخبر بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: "أما والله لاُعطينّها غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله، ويحبّه اللهُ ورسوله، يأخذها عنوة"، قال: وليس ثمَّ علي (عليه السلام)، فتطاولت لها قريش ورجا كلّ واحد منهم أن يكون صاحب ذلك.
فأصبح، فجاء عليّ(عليه السلام) على بعير له حتى أناخ قريباً من خباء رسول الله(صلى الله عليه وآله)،وهو أرمد قد عصّب عينيه بشقة برد قطري، فقال رسول الله: (صلى الله عليه وآله) "مالك"؟ قال: رمدت بعد. فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): "اُدن مني"، فدنا منه فتفل في عينيه، فما وجعها حتى مضى لسبيله، ثم أعطاه الراية، فنهض بها معه وعليه حلة أرجوان حمراء قد أخرج خملها، فأتى خيبر، وخرج مرحب صاحب الحصن وعليه مغفر معصفر يمان وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه وهو يـرتجز ويقول:

قد علمت خيبر أني مرحبشاكي السلاح بطل مجرّب
فقال علي(عليه السلام):


أنا الذي سمّتني اُمي حيدرةأكيلكم بالسيف كيل السندرةليث بغابات شديد قسورة
فاختلفا ضربتين، فبدره علي فضربه، فقدّ الحجر والمغفر ورأسه حتى وقع في الأضراس، وأخذ المدينة.

وعن أبي رافع مولى رسول الله(صلى الله عليه وآله)، قال: خرجنا مع علي بن أبي طالب حين بعثه رسول الله (صلى الله عليه وآله)برايته، فلما دنا من الحصن، خرج إليه أهله، فقاتلهم، فضربه رجل من اليهود فطرح ترسه من يده، فتناول علي (رضي الله عنه) باباً كان عند الحصن فتترس به عن نفسه، فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه، ثم ألقاه من يده حين فرغ، فلقد رأيتني في نفر سبعة أنا ثامنهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه.(1) وقد أخرج المحدّثون القصة أيضاً، فقد أخرج الحاكم عن
علي(عليه السلام)، أنه قال (لأبي ليلى): يا أبا ليلى، أما كنت معنا بخيبر؟ قال: بلى. قال: فإنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)بعث أبابكر إلى خيبر فسار بالناس وانهزم حتى رجع.
وعنه أيضاً قال: سار النبي(صلى الله عليه وآله) إلى خيبر، فلما أتاها بعث عمر ومعه الناس إلى مدينتهم أو قصرهم، فقاتلوهم، فلم يلبثوا أن هزموا عمر وأصحابه، فجاءوا يجبّنونه ويجبّنهم...(2)


المصادر
ــــــــــــــــــــــ

1- تاريخ الطبري: 3/11 حوادث سنة سبع للهجرة، غزوة خيبر. الكامل لابن الاثير: 2/219، سيرة ابن هشام: 2/ 334.

2- المستدرك على الصحيحين: 3/37 كتاب المغازي، وصححها ووافقه الذهبي في التلخيص.