بمناسبة ذكرى وفاة الامام محمد بن علي الجواد عليه السلام
اضع بين ايديكم ملف وسيرة كامله عن امامنا
عظم الله اجورنا واجوركم
بهذا المصاب الجلل
وجعلنا واياكم من اتباع اهل البيت عليهم السلام
ونسالكم العافيه والموفقيه
سيرة الإمام محمد بن علي الجواد (ع)
بطاقة الهوية:
الإسم: محمد (ع)
اللقب: الجواد
الكنية: أبو جعفر
اسم الأب: علي بن موسى الرضا (ع)
اسم الأم: خيزران
الولادة : 10 رجب 195ه
الشهادة: 10 ذي الحجة 220 ه
مدة الإمامة: 16 (أو) 18 سنة
القاتل: المعتصم العباسي
مكان الدفن: الكاظمية
إمامة الجواد (ع):
تولّى الإمام الجواد (ع) الإمامة الفعلية في سن مبكرة من عمره الشريف، فقد كان عند شهادة أبيه الرضا (ع) ابن سبع سنين الأمر الذي أثار استغراب الناس عموماً.
وقد رُوي عن صفوان بن يحيى أنه سأل الرضا (ع) عن الخليفة بعده، فأشار الإمام إلى ابنه الجواد (ع) وكان في الثالثة في عمره فقال صفوان: جعلت فداك! هذا ابن ثلاث سنين؟! فقال (ع): وما يضر ذلك؟ لقد قام عيسى (ع) بالحجة وهو ابن ثلاث سنين. وكان الرضا (ع) يخاطب ابنه الجواد (ع) بالتعظيم وما كان يذكره إلاّ بكنيته فيقول "كتب إليّ أبو جعفر" و"كنت أكتب إلى أبي جعفر" وكان يكرر هذا الكلام في حق ابنه رغم صغر سنه دفعاً لتعجب الناس من انتقال الخلافة إليه وهو صغير السن، كما كان يستشهد على أن البلوغ لا قيمة له في موضوع الإمامة بقوله تعالى في شأن يحيى (ع): "واتيناه الحكم صبيا". وقد أثبت الإمام الجواد (ع) سعة علمه وقوّة حجته وعظمة اياته منذ صغره، فكان الناس في المدينة يسألونه ويستفتونه وهو ابن تسع سنين.. والمتتبع للروايات والأخبار يجد أن الإمام الرضا (ع) عمل على إزالة اللبس والاشتباه في موضوع إمامة الجواد (ع) بالأدلة والبراهين ومهّد له بكافّة الطرق والأساليب فكان يأمر أصحابه بالسلام على ابنه بالإمامة والإذعان بالطاعة كما في قوله لسنان ابن نافع: "يا بن نافع سلّم وأذعن له بالطاعة، فروحه روحي، وروحي روح رسول الله (ص)"..
الإمام (ع) والمأمون:
كان الإمام الجواد (ع) في السادسة من عمره حينما خرج والده الرضا (ع) من المدينة إلى خراسان، وبعد اغتيال الإمام الرضا (ع) انتقل المأمون إلى بغداد واستدعى الإمام الجواد إليه، في محاولة احتوائه والحد من نشاطه في المدينة التي كان يرقى إلى منبرها ويخاطب الناس بقوله: "ولولا تظاهر أهل الباطل، ودولة أهل الضلال ووثوب أهل الجهل لقلتُ قولاً تعجّب منه الأولون والاخرون!! يضع يده الشريفة على فمه ويقول: "يا محمد أصمت كما صمت اباؤك من قبل".
وفي بغداد تظاهر المأمون بإكرام الإمام وبرّه فأنزله بالقرب من داره وأسكنه في قصره وعزم على تزويجه من ابنته أم الفضل. ليدفع عنه التهمة بتصفية الرضا (ع) التي زعزعت من ولاء أهل خرسان له. وعرّضته لانتفاضاتهم التي كانت تظهر بين حين واخر، وليتركه قريباً منه وتحت المراقبة الأمنية خوفاً وحذراً من تحريك العلويين ضده.
ولكن تزويجه من ابنته أم الفضل أثار مخاوف العباسيين من أن ينتهي الأمر معه إلى ما انتهى إليه مع أبيه الرضا من ولاية العهد، فاجتمع أقطابهم إلى المأمون قائلين له: "إن هذا الفتى صبي لا معرفة له ولا فقه، فأمهله حتى يتأدب ويتفقّه في الدين.." في محاولة منهم لمنع حصول هذا الأمر إذ كان يؤرقهم دائماً فكرة انتقال الخلافة إلى منافسيهم العلويين. فأجابهم المأمون: "ويحكم إني أعرف بهذا الفتى منكم! وإن أهل هذا البيت علمهم ومواهبهم من الله تعالى ومن إلهامه، وإن شئتم فامتحنوه" فأجمعوا أمرهم على إحضار قاضي القضاة يحيى بن أكثم ليمتحن الإمام (ع). واختيارهم لقاضي القضاة وهو أعلى منصب ديني في الدولة انذاك يدل على مدى خوفهم من الإمام واعترافهم بعظمته رغم صغر سنه. وفي مجلس حاشد واجه القاضي يحيى الإمام (ع) بالمسألة التالية: ما تقول في محرم قتل صيداً؟ وبكل بساطة واطمئنان أجاب الإمام (ع): قتله في حِلٍ أو حرم؟ عالماً كان المحرم أو جاهلاً؟ قتله عمداً أو خطأ؟ حراً كان المحرم أو عبداً؟ صغيراً كان أو كبيراً؟ مبتدئاً بالقتل أو معيداً؟ من ذوات الطير كان الصيد أم غيرها؟ من صغار الصيد أم من كبارها؟ مصراً على ما فعل أم نادماً؟ ليلاً كان قتله للصيد أم نهاراً؟ محرماً كان بالعمرة إذ قتله أو بالحج كان محرماً؟ واشرأبت الأعناق إلى القاضي يحيى الذي كان أعجز من أن يتابع مسألة الإمام (ع) فبان عليه الارتباك وظهر فشله وعجزه، فقال المأمون لهم: أعرفتم ما كنتم تجهلون؟ وتوّج المأمون انتصاره بعقد قران ابنته من الإمام (ع) في نفس المجلس.
الإمام (ع) في المدينة:
لم تخفَ على الإمام (ع) أهداف المأمون التي كانت تخضع للحسابات الانية الضيقة والمصلحة الشخصية. بينما جاءت تصرفات الإمام مبنية على أساس المصلحة الإسلامية العامة ومنسجمة مع الحسابات الواسعة التي تخدم الإسلام عل المدى البعيد. واستطاع الإمام بذلك أن يحقق أهدافه من خلال:
1- إبقاء الشرخ الكبير بين المأمون والأسرة العباسية بتزوّجه من أم الفضل.
2- تدعيم قضية الإمامة وإظهار أحقيتها، في مواجهة التشكيك بها نتيجة صغر سنه، وتمّ ذلك عبر مواجهة قاضي القضاة أعلى منصب ديني في الدولة وإفحامه، وغيرها من المحاججات.
3- إيجاد أكبر قدر من الحرية على مستوى تحركات الإمام واتصاله بقواعده الشعبية وتخفيف وطأة الضغط عليهم.
وبالفعل إنتقل الإمام (ع) إلى المدينة رغم تحفظات المأمون ليمارس مهامه في التوعية والتثقيف والإرشاد في أجواء ملائمة لم يكن خلالها في ضيق من أمره ولا مراقباً من أحد. فكان أصحابه يتصلون به مباشرة وتصل إليهم الأحكام الشرعية والحقوق. كما كان يدرّس ويحاور ويبين للناس ما اشتبه عليهم من أمر دينهم ودنياهم حتى تحوّل بيته إلى مدرسة يؤمها العلماء والفقهاء من مختلف أقطار العالم الإسلامي، وتخرّج منها العديد من أصحاب الفضل في حفظ الأحاديث والأحكام ونقلها لأتباعهم.
زوجاته وأولاده (ع):
تزوج (ع) أم الفضل بنت المأمون، واتخذ (ع) أمهات أولاد فأنجب منهن علي الهادي(ع)، وموسى، وفاطمة وامامة، أما أم الفضل فلم ينجب منها.
شهادته (ع):
استمر الإمام الجواد (ع) في مسيرته الإصلاحية حتى وفاة المأمون. وخلفه المعتصم الذي كان يمثّل قمّة الإنحراف على رأس السلطة. ولم ترق له نشاطات الإمام الإصلاحية فاستدعاه إلى بغداد ووضعه تحت الإقامة الجبرية مدة من الزمن بهدف الحد من نشاطه، ولكنه بات يشكل خطراً عليه نتيجة التفاف الناس حوله وتأثرهم به، فأوعز إلى زوجته أم الفضل فدسّت له السم في الطعام فقضى الإمام شهيداً.
قصة استشهاد الامام محمد بن علي الجواد (عليه السلام)
عن زرقان صاحب ابن أبي دواد وصديقه بشدة قال : رجع ابن أبي دواد ذات يوم من عند المعتصم وهو مغتم فقلت له في ذلك ، فقال وددت اليوم أني قدمت منذ عشرين سنة ، قال قلت له : ولم ذاك ؟ قال : لما كان من هذا الاسود أبي جعفر محمد بن علي بن موسى اليوم بين يدي أمير المؤمنين ، قال : قلت له : وكيف كان ذلك ؟ قال : إن سارقا أقر على نفسه بالسرقة ، وسأل الخليفة تطهيره باقامة الحد عليه ، فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه وقد أحضر محمد بن علي فسألنا عن القطع في أي موضع يجب أن يقطع ؟ قال : فقلت : من الكرسوع . قال : وما الحجة في ذلك ؟ قال : قلت : لان اليد هي الاصابع والكف إلى الكرسوع ، لقول الله في التيمم " فامسحوا بوجوهكم وأيديكم " واتفق معي ذلك قوم . وقال آخرون : بل يجب القطع من المرفق ، قال : وما الدليل على ذلك ؟ قالوا : لان الله لما قال : " وأيديكم إلى المرافق " في الغسل دل ذلك على أن حد اليد هو المرفق . قال : فالتفت إلى محمد بن علي عليه السلام فقال : ماتقول في هذا يا أبا جعفر ؟ فقال : قد تكلم القوم فيه يا أميرالمؤمنين ، قال : دعني مما تكلموا به ! أي شي ء عندك ؟ قال اعفني عن هذا يا أمير المؤمنين قال : أقسمت عليك بالله لما أخبرت بما عندك فيه . فقال : أما إذ أقسمت علي بالله إني أقول إنهم أخطأوا فيه السنة ، فان القطع يجب أن يكون من مفصل اصول الاصابع ، فيتر ك الكف ، قال : وما الحجة في ذلك ؟ قال : قول رسول الله : السجود على سبعة أعضاء : الوجه واليدين والركبتين والرجلين ، فاذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها وقال الله تبارك وتعالى : " وأن المساجد لله " يعني به هذه الاعضاء السبعة التي يسجد عليها " فلا تدعوا مع الله أحدا " وما كان لله لم يقطع . قال : فأعجب المعتصم ذلك وأمر بقطع يد السارق من مفصل الاصابع دون الكف . قال ابن أبي دواد : قامت قيامتي وتمنيت أني لم أك حيا قال زرقان : قال ابن أبى دواد صرت إلى المعتصم بعد ثالثة فقلت : إن نصيحة أمير المؤمنين علي واجبة وأنا اكلمه بما أعلم أني أدخل به النار ، قال : وما هو ؟ قلت : إذا جمع أمير المؤمنين في مجلسه فقهاء رعيته وعلماء هم لا مرواقع من امور الدين ، فسألهم عن الحكم فيه فأخبروه بما عندهم من الحكم في ذلك ، وقد حضر مجلسه أهل بيته وقواده ووزراؤه وقد تسامع الناس بذلك من وراء بابه ، ثم يترك أقاويلهم كلهم لقول رجل يقول شطرهذه الامة بامامته ، ويدعون أنه أولى منه بمقامه ثم يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء ؟ ! قال : فتغير لونه وانتبه لما نبهته له ، وقال : جزاك الله عن نصيحتك خيرا قال فأمر اليوم الرابع فلانا من كتاب وزرائه بأن يدعوه إلى منزله فدعاه فأبى أن يجيبه وقال : قد علمت أني لا أحضر مجالسكم ، فقال : إني إنما أدعوك إلى الطعام واحب أن تطأ ثياتي ، وتدخل منزلي فأتبرك بذلك ، فقد أحب فلان بن فلان من وزراء الخليفة لقاءك فصار إليه فلما طعم منها أحس السم فدعا بدابته فسأله رب المنزل أن يقيم قال : خروجي من دارك خيرلك ، فلم يزل يومه ذلك وليله في خلفة حتى قبض عليه السلام .
وفي رواية انه لما خرج أبوجعفر عليه السلام وزوجته ابنة المأمون حاجا وخرج أبوالحسن علي ابنه عليه السلام وهو صغير فخلفه في المدينة ، وسلم إليه المواريث والسلاح ، ونص عليه بمشهد ثقاته وأصحابه ، وانصرف إلى العراق و معه زوجته ابنة المأمون ، وكان خرج المأمون إلى بلاد الروم ، فمات بالبديرون في رجب سنة ثمان عشرة ومائتين ، وذلك في ستة عشرة سنة من إمامة أبي جعفر عليه السلام وبويع المعتصم أبوإسحاق محمد بن هارون في شعبان من سنة ثمان عشرة ومائتين . ثم إن المعتصم جعل يعمل الحيله في قتل أبي جعفر عليه السلام وأشار على ابنة المأمون زوجته بأن تسمه لانه وقف على انحرافها عن أبي جعفر عليه السلام وشدة غيرتها عليه لتفضيله ام أبي الحسن ابنه عليها ، ولانه لم يرزق منها ولد ، فأجابته إلى ذلك وجعلت سما في عنب رازقي ووضعته بين يديه ، فلما أكل منه ندمت وجعلت تبكي فقال : ما بكاؤك ؟ والله ليضربنك الله بعقر لا ينجبر ، وبلاء لا ينستر ، فما تت بعلة في أغمض المواضع من جوارحها ، صارت ناصورا ، فأنفقت ما لها وجميع ما ملكته على تلك العلة ، حتى احتاجت إلى الاسترفاد ، وروي أن الناصور كان في فرجها . وقبض عليه السلام في سنة عشرين ومائتين من الهجرة.
هذه القصة نقلا عما ورد في كتاب بحار الانوار .
نسالكم الدعاءءء