+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: يوم الحسرة الدنيوي

  1. #1
    فراتي فضي حقائق إيمانية is on a distinguished road
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    952

    افتراضي يوم الحسرة الدنيوي

    يوم الحسرة الدنيوي




    أرسلت ذات يوم مديرة المركز الصحي الذي أعمل فيه رسالة الكترونية إلى جميع العاملين في المركز من أطباء وممرضات وإداريين تطلب فيه منّا التجمع في المكتبة للإحتفال وأكل الحلوى وشرب القهوة والشاي عند الساعة الثالثة عصراً.
    تجمّعنا في الموعد المذكور وبعد الأكل والشرب بدأت المرأة تتحدّث فقالت: نجتمع اليوم لنحتفل بالطبيبة الفلانية التي سوف تحال عن قريب إلى التقاعد بعد عمل دام خمس وعشرين عاما في المركز الصحي، والممرّضة الفلانية التي ستنتقل إلى محل عمل آخر، والسكرتيرة الفلانية التي أكملت الستين من عمرها قبل أيام؛ ثم أخذت توزّع لهم الهدايا الجميلة وتقدم لهم التهاني والتبريكات بالنيابة عن منتسبي المركز.

    ثم أخرجت باقة ورد جميلة وقالت أنّ طبيبا آخراً يعمل معنا منذ فترة قليلة قد أكمل الأربعين من عمره قبل أيام قليلة ولم يخبر أحداً ربما من حياءه ولكنني عرفت ذلك من رقمه المدني (ملاحظة: الرقم المدني في هذا البلد يتكون من تاريخ الميلاد وأربعة أرقام أخرى) ثم التفتت إلي وأقبلت نحوي وباقة الورد في يديها.

    عرفت بأنني المعني بكلامها فقمت من مكاني وشكرتها وأخذت منها باقة الورد.
    وقالت لي: لقد اخترت ألوان ورود خجولة لتناسبك!!.
    شكرتها مرة أخرى على إلتفاتتها اللطيفة ثم انفضّ الاجتماع ومضى كلّ منّا إلى عمله.





    رحت باقي يومي والأيام التي تبعته أتفكّر في هذا الموقف الذي مرّ بي وبالورود الرائعة الخجولة التي أهديت إلي وبسنوات حياتي الأربعين.. حلوها ومرّها.. وسلبياتها وإيجابياتها..
    تفكّرت أولا في الصلاة.. نعم الحمد لله، لقد بدأت الصلاة في باكورة عمر الشباب رغم نشوئي في بيئة يساريّة غير مصلية؛ ولكنّي تحسّرت على أوقات ضيّعت فيها الصلاة وعلى الصلواة الذاهلة غير الخاشعة التي أدّيتها وأؤديها.. يا ليتني حافظت على الصلاة.. يا ليتها كانت خاشعة..
    ثم تذكّرت دراستي وعملي وثقافتي وأعمالي.. حمدت الله على الإيجابيات القليلة ثم تحسّرت على تقصيري وكسلي وفتوري وغفلتي وذنوبي.. أعمال ومواقف غبية ومخزية ذهبت لذّتها وبقيت حسرتها.. يا لها من حسرة كبيرة، يا ليتني كنت نشيطاً ومجتهداً ومثابراً ويقظاً ذكياً منتبهاً.. يا ليتها كانت حسنات..
    ثم تفكّرت في مدرسة إنقاذ الإيمان التي تعرّفت عليها وحاولت بضعف وفتور التواصل معها والاسترشاد بها والمشاركة في بعض نشاطاتها الإيمانية البنّاءة الرائعة.. تحسّرت على أني لم ألتزم معهم بصورة أكبر وأعمق لكنت الآن أفضل وأكمل حالاً؛ ثم ختمتها بالهجر والبعد والتنائي.. يالحسرتي الكبيرة.. ليتني ألتقي بهم من جديد.
    تذكّرت وتذكّرت وتفكّرت.. ثمّ تحسّرت وتحسّرت وتحسّرت..
    ثم بعد أيام قليلة وأنا أقود السيارة وأستمع إلى قاريء القرآن ذي الصوت الشجيّ يقرأ في سورة مريم حتى وصل إلى الآية الكريمة: بسم الله الرحمن الرحيم:
    (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأمر وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ) (مريم:39)
    ألحّت الآية الكريمة على فكري كثيراً كوني شعرت بالحسرة الكبيرة في أيام سبقت بعد تفكّري بأربعين سنة مرّت من حياتي ولا أعرف كم بقي لي من العمر بعدها.. ثمّ تولدت المعاني التالية في ذهني..
    أخبرنا الخالق العظيم سبحانه في قرآنه المعجز عن يوم الحسرة الذي سيقدم علينا لا محالة وسنتحسّر فيه على أعمال سيئة وذنوب وجرائم اقترفناها في دنيانا وعلى تقصيرنا في أداء أعمال طيبة وحسنات وطاعات ضيّعناها في حياتنا الدنيا فنتحسّر على ذلك بصورة عظيمة جداً ثم لا تنفع الحسرة والندم لانتهاء وقت الامتحان وفوات الأوان.
    فوجدت أن من آيات يوم الحسرة المبثوثة في الدنيا هي شعوري القوي بالحسرة في الأيام التي مضت.. فالحاضر يدلّ على الغائب.
    نعم.. يجدر بي أن أؤمن بقوة بيوم الحسرة وأستعد له بجد وانتباه وذكاء وهاهو دليله وبرهانه في قلبي وفكري، أحسست به بقوّة فآلمني وأوجعني وأثّر فيّ كثيراً في يوم ميلادي الأربعين والذي سأسمّيه منذ الآن "يوم الحسرة الدنيوي" ليذكّرني دائما بيوم الحسرة في الآخرة الذي أخبرنا عنه الخالق العظيم سبحانه.
    ويوم الحسرة الدنيوي لديّ فيه فرصة كبيرة للنقد الذاتي والإستدراك والتصحيح بخلاف يوم الحسرة الأخروي الذي لا ينفع عنده ندم ولا فرصة للإستدراك.. فالحساب الدقيق العادل ثم الثواب والعقاب.. والله المستعان.
    نعم سأحاول تذكّر يوم الحسرة الدنيوي دائماً لكي لا أنسى يوم الحسرة في الآخرة وأحاول جهدي الاستعداد له.
    وأذا كنت قد فرحت بالورود الخجولة الرائعة بمناسبة يوم الحسرة الدنيوي فيجدر بي من باب الأولى أن أفرح أكثر بهدية آية يوم الحسرة الأخروي الكريمة في سورة مريم التي أوصلتني إلى تلك المعاني الإيمانية العالية. نعم في الآية الكريمة الورود المعنوية الإيمانية العالية التي يجدر بي التفكّر فيها ما حييت إن كنت أرجو النجاة في يوم الحسرة.



    عماد البياتي
    2009.07.07

  2. #2
    ابوليلى المهلهل الزير سالم is on a distinguished road الصورة الرمزية الزير سالم
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    الدولة
    أرض الله الواسعة
    المشاركات
    8,361

    افتراضي رد: يوم الحسرة الدنيوي

    بارك الله بيك اخي رسائل النور على هذا المجهود الكبير

    موضوع مهم جدا ويستحق القراءه


    أبدعت في ما نقلت


    ننتظر المزيد من هذا العطاء المميز


    تقبل تحياتي

  3. #3
    فراتي فضي الغربه is on a distinguished road
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ارض الله الواسعه
    المشاركات
    775

    افتراضي رد: يوم الحسرة الدنيوي

    جزاااك الله كل خير اخي ووفقك

+ الرد على الموضوع

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك