اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
(قالوا يا ذا القرنين أن ياجوج وماجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجاً على أن تجعل بيننا وبينهم سدا) الكهف
(قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا. وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا) الكهف
(حتى إذا فتحت ياجوج وماجوج وهم من كل حدب ينسلون.واقترب الوعد الحق فاذا هي شاخصة ابصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين) الانبياء
قال رسول الله صلي الله عليـة وآلـه
(...لا اله الا الله,ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم ياجوج وماجوج مثل هذه.وعقد بيده عشرة) (صحيح مسلم والبخاري)
سيتم تفسير الاية على شكل بحث متسلسل حتى تصبح الفكرة اكثر وضوحا
الصراع القديم بين الصلاح والفساد
لعمري ان ذلك الصراع قديم جداً, قدم النفس الامارة بالسوء والعقل الآمر بالصلاح والخير. وكذلك ما مضى عليه ابليس(عليه اللعنة والعذاب) في وساوسه مع ابونا آدم(ع) وعلى مر الزمان تمثل الصلاح بذي القرنين (ع)
وصار ياجوج وماجوج يمثلون الفساد الذي يقابله.. قال تعالى: ((قالوا يا ذا القرنين ان ياجوج وماجوج مفسدون في الارض...) الكهف. الظاهر ان هولاء القوم الذين جاء ذي القرنين لانقاذهم وتخليصهم من الفساد والظلم, كان لديهم نسبة من الايمان والعقيدة او التدين ـ بمعنى من المعاني ـ وذلك من خلال رفضهم للفساد ((قالوا ... مفسدون في الارض...)) وايضاً من خلال مساعدة ذو القرنين لهم, فلولا استحقاقهم واستعدادهم لَما ساعدهم, والنقطة الاخرى من خلال خطابه لهم عن ربه تعالى: (قال ما مكنّي فيه ربي خير...) و ((قال هذا رحمة من ربي ...)) الكهف. فالمشكلة الرئيسية من قبل ياجوج وماجوج كانت مع هؤلاء القوم لانهم يرغبون بالصلاح والحرية العادلة.
ايهما خير السد المادي ام الردم المعنوي؟
ان اصحاب ذي القرنين ارادوا منه ان يبني بينهم حاجزاً او بناءاً ويبعد عنهم هولاء المفسدون ليس اكثر من ذلك بدليل قولهم: (...تجعل بيننا وبينهم سداً). ولكن اراده ذي القرنين(ردماً) منيعاً وجعله حديداً قوياً وصبه وافرغ عليه من أعلى المستويات, لا يسد عن ياجوج وماجوج فقط,وانما يمنع انتشار الفساد, وكذلك يمنع تقبّل الفساد في نفوس قومه. فطلبوا منه(سداً) وجعله (...اجعل بيننا وبينهم ردماً)
قال السيد الشهيد محمد الصدر في تاريخ ما بعد الظهور: {وقد اتخذت تدابير ذي القرنين في هذا الصدد شكلين اساسيين هما: الشكل الاول: بناء السد الموصوف في القران الكريم المتكون من الحديد والصفر, وهو يحتوي على الحماية (العسكرية) من هجمات القبائل البدائية الملحدة. الشكل الثاني:ـ بناء السد المعنوي في المجتمع المؤمن, وزرع المفاهيم وقوة الارادة الكافية ضد الانحراف والفساد}.
(..ويل للعرب من شر قد اقترب..)
هكذا قال رسول الله (ص) حين استيقظ من نومه, عندما راى في المنام: (...فتح اليوم من ردم ياجوج وماجوج. مثل هذه. وعقد بيده عشرة)
ان هولاء الاقوام بمرور الزمن وتغير الاحوال وانهيار السد ولا اقول: (الردم), سوف يخرجون على العالم ويعاودون ممارسة الفساد والانحراف, اذ لا معنى لبقاء السد الظاهري بوجود التطور العلمي والعقلي وتوفر الوسائل التي تؤدي بهم الى تجاوز ذلك السد (وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض...) الكهف
يقول السيد رحمه الله تعالى: {لقد خَرَقَتْ السد القديم ولم يعد كافياً للسيطرة عليهم وكبح جماحهم.ان ذلك السد كان مناسباً مع مستوى عصره العقلي والثقافي والعسكري, ولم يعد الان كافياً (حتى اذا فتحت ياجوج وماجوج..)} تاريخ ما بعد الظهور.
وظاهر حديث الرسول (ص) ان البلاء يشمل العرب فقط, ولكن ربما يراد بهم المسلمون والمؤمنون لان اغلبهم كانوا من العرب, واراد (ص) ان ينبه على التمسك بالدين الاسلامي الحنيف في قوله (ص) في بداية الحديث (.....استيقظ من نومه وهو يقول: لا اله الا الله...) و (ويل) هنا جاءت للتعبيرعن شدة البلاء الذي سوف يحدث بالعرب جراء انفتاح ذلك السد,والحقد الدفين والظلم المبين الذي يضمره يبديه ياجوج وماجوج هؤلاء الاقوام المتوحشة الذين لا دين لهم ولا اخلاق ولا انسانية لديهم,لان كلمة (ويل) يراد بها احد اودية جهنم والعياذ بالله (كما يقول المفسرون)!!
ولنا عوده مع تكملة في الجزء الثاني ان شاء الله
ودمتم سالمين