الى اغلى انسان في الوجود
ذكريات جميلة عشتها واعوام انطوت صفحاتها وجدران اختزنت بحنانها ودفئها ... حملتني باكنافها طفلة رضيعة بعمر الزهور وانبتتني شابة تثابر وتعاند الصخور .. كانت بمثابة الام والاب والعالم كله ، فكم سهرت ليالي من اجلي ، وواستني باحزاني وخففت عني ووقفت بجانبي بالسراء والضراء ، بالحزن والشدة غمرتني بحبها الذي لا يعرف الحدود ، ضحت حتى بحياتها وفرحها من اجلي ، عوضتني عن اليتم الذي اعيشه وحملت عني واخرجتني من عزلتي لاخرج الى العالم وعندي الثقة والايمان بقدرتي على تحمل مسؤوليات الحياة والانفتاح والتحدي متناسية الآمي واحزاني ، كانت عيناي اللتان انظر بهما للعالم بتفائل غد مشرق وجميل ...
فبنتني كما تبني بيتاً ، حبا فوق عطف وحنان ، واكتمل بنائها الصامد المتين الاساس ..
كانت كوردة تزين بستاني وردة حمراء مشعة نورا وضياءاً ، وبشذاها وجمالها جعلت بستاني روضة من رياض الجنة تتخلله النسائم والاشجار الوارفة الظلال ، وردة تشرق منها الشمس لتطل على عالمي ليلا نهارا ، صيفا وشتاءا ، كاسية اياه باشعتها الذهبية ونورها الساطع ، ومذيبة الثلج الذي يحجبني وجمالي المدفون تحت تلك الكومة من الثلج والجليد ...
كلما اكتشفت شيئا جميلا كنت اظن انها المصدر لهذا الجمال ومنبعه فهي ملاك الجمال والرحمة والبراءة الذي يحاول جاهدا توفير السعادة والمساعدة لغيره . الجنة من تحت اقدامها وجدت ، والحنان منها ينبع ، وحبها فيض غير منقطع ، سكنت روحي امدا طويلا فاصبحت احمل قلبا لا املكه .
كان يوما مشؤوما ذلك اليوم من فصل تساقط الاوراق وذبول النباتات حين مرضت وردتي مرضا خطيرا ، مرضا اخذ يسلبها عافيتها فصارت تذبل شيئا فشيئا وسقطت اوراقها وفقدت اناقتها وبدا عليها التعب والارهاق ومع ذلك بقيت مبتسمة ومتفائلة ومضيئة كالشمعة التي تحترق لتوفر الضوء والسلام للآخرين . ومع حلول الشتاء سلمّت الى بارئها وصعدت روحها الطيبة الى السماء . ولكن صورتها لم تفارقني فقد كانت وردة خالدة في قلبي لا تذبل ولا تموت ، بقيت لتغذي روحي وجسدي بذكريات جميلة وممتعة لطالما زيّنت قلبي . كيف لا ؟!! وهي امي اليوم وغدا والى الابد .....