التجنس في كرة القدم العراقية... مشكلة جديدة... ولكن للمستقبل!!
بقلم الدكتور كاظم العبادي
www.alabadie.com
kalabady@yahoo.com
منذ ان اصدرت كتابي (الكرة العراقية انتصارات ام انتكاسات) في بداية العام الحالي (2010) تلقيت سيلا هائلا من الرسائل والاتصالات من قبل عشاق الكرة العراقية... ورغم ان الوثيقة غطت محاور واسعة متعلقة بالكرة العراقية الاّ ان اكثر المحاور التي اثارت اهتمام القراء هو محور التجنس. ان هذا الموضوع لم يطرح سابقاً في العراق لاعتبارات واسباب عديدة ولكنه بالتاكيد سيكون محلا للنقاش مستقبلاً.
ان مشاكل الكرة العراقية كثيرة وواسعة، وقرار تجنس اللاعبين ليس واحدا من مشاكلها الحالية،لكنه بالتاكيد سيكون احد المشاكل القادمة المتوقعة في المستقبل (مشكلة مركونة على الرف في الوقت الحاضر).
لا يخفى على الكثيرين ان منتخب كرة القدم لاي بلد كان يعتبر واجهة حضارية ومعلما بارزا من معالم التقدم والرقي وعنوانا متقدما يعكس مدى رغبة واصرار هذا البلد او ذاك على اثبات وتاكيد حضوره في الساحة العالمية ولذلك تسعى كل الدول التي تفكر وتعمل على تقديم الانجازات الى ايصال منتخباتها الكروية وتقديمها الى المحافل الدولية واشراكها في المناسبات الكبيرة مثل بطولات كأس العالم او البطولات الاقليمية باحلى واروع ما يمكن تقديمه... وذلك بعد ان تعد العدة اللازمة للنهوض بمستوى الكرة لديها من خلال اختيار اللاعبين وتدريبهم والانفاق عليهم وتوفير فرص الاحتكاك بالفرق القوية لضمان الخبرة والاستعانة بقيادة تدريبية عالمية... وقد تلجا بعض الدول الى الاستعانة ببعض اللاعبين من اصول اجنبية لغرض زيادة الزخم النوعي واستثمار الخبرة الاجنبية وتقليص فارق المستوى بينها وبين بقية الدول المتقدمة كرويا.
لقد شاهدنا في السنوات الاخيرة نوعين من الدول... النوع الاول كان يريد ان يتحدى العالم بامكانياته المحلية... والآخر واكب التطور وتخلى عن عنصريته ونظرياته التي كانت تعتمد على المحلية ليواجه العالم الكروي بقوة... وافضل مثال على طرحي هذا ما حدث في كأس العالم – جنوب افريقيا (2010):
فقد ارادت كوريا الشمالية ان تتحدى العالم باعتمادها على ابناء بلدها فقط من مدربين ولاعبين رافعة شعار الاعتماد على النفس وكانها تريد ان تقول للعالم اننا لا نحتاجكم واننا قادرون على مواكبة التطور والمنافسة والتحدي بيد ابناء البلد، وقد تمكنت كوريا الشمالية من الصمود في مبارة واحدة لتخسر وبصعوبة امام البرازيل (1/2) ، ثم انهارت امام البرتغال بخسارتها (صفر/7)، ثم خسارتها امام كوت ديفوار (صفر/3)... في حين زجت المانيا التي كانت تتهم بالعنصرية بفريق نصف افراده من اصول غير المانية، وهي التي كانت ترفض سابقاً اشراك اللاعبين من جنسيات اخرى، وافضل مثال على ذلك حال اللاعب محمد شول (تركي الاصل) والذي غالبا ما كان يتم اختياره كافضل لاعب في الدوري الالماني ولعدة مواسم الاّ انه لم ياخذ فرصته مع المنتخب الالماني، وكان اما ان يستبعد من التشكيلة في البطولات المهمة او ان يجلس على مقاعد الاحتياط.
من كل كلامي هذا اردت ان اقول: ان منتخب العراق لابد ان يظهر باروع، اجمل، واقوى الصور وقد يكون مبدء التجنس احد الحلول المؤقتة للمنتخب العراقي حتى يقف على قدميه ويصبح قادراً على التأهل باستمرار الى كأس العالم ومواجهة الكبار... لقد اثبت التاريخ فشل سياسة العراق الكروية السابقة التي اعتمدت اسلوب التحدي للوصول الى عالم الكبار والتي كانت عبارة عن مجموعة من الافكارالضعيفة والافاق الضيقة والطروحات السقيمة البائسة التي لم تتمكن من ايصاله الى العالمية رغم توفر الكم الهائل من المواهب الكروية وحب البلد لهذه الرياضة... حيث نجح العراق مرة واحدة فقط في الوصول الى كاس العالم مقابل (9) محاولات فاشلة، ارقام لا تسر ولا تلبي طموح وحلم جمهور العراق الكروي الذي يريد ان يشاهد نجوم الكرة العراقية وهم يواجهون كبار العالم وليس صغاره.
فكرة تجنس لاعبين من غير اصول عراقية لابد ان تدرس بعناية... لنقرا ما طرحته في كتابي واترك الموضوع للحوار:
التجنيس:
أعطت معظم دول العالم الحق لمن اكتسب جنسيتها المشاركة مع منتخب البلد. بالتأكيد هذا حق مسموح لأي مجنَّس باللعب مع البلد الذي منحه الجنسية اذا كان ذلك البلد يعترف بتكافؤ الفرص وعدم ايمانه بالعنصرية! التجنيس أو السماح لـ اللاعب المجنَّس تمثيل البلد غير الأصلي موضوع مهم وخطير وحساس في وقت واحد. هناك مهاجرون من معظم بلدان العالم تركوا بلدانهم لأسباب اقتصادية وغيرها ونشأوا في بلدان اخرى قد تكون قريبة لبلدانهم أو تختلف حضاريا ولغويا مع البلد الاصيل بالطبع لهؤلاء كل الحق في تمثيل البلدان الجديدة وهو أمر مشروع تقرُّه الدول المتحضرة ولا تعترف به الدول العنصرية.
النوع الآخر من التجنيس أنَّ بعض الدول تقوم بتجنيس لاعبين اقرب الى المحترفين واشراكهم مع منتخباتهم بغرض تحقيق النتائج حتى بدون تأقلمه مع المجتمع الجديد أو المامهم بلغة البلد.
لم يدخل التجنيس الكرة العراقية لكن أنا شخصياً مع وضد ظاهرة التجنيس.
معظم دول أوروبا أعطت الحق لـ اللاعب المجنس باللعب وتمثيل المنتخب فمثلاً مثل هولندا العديد من اللاعبين من غير اصول هولندية أبرزهم "رايكارد" و "غوليت" من سورينام والمغربي "بالحروز" الذي لعب مع تشلسي الانجليزي، وجنست كرواتيا اللاعب البرازيلي "ادواردو" لاعب ارسنال الانجليزي، ومنحت البرتغال الجنسية للبرازيلي "ديكو"، ومعظم نجوم المنتخب الفرنسي لاعبيه مجنسين أمثال زيدان، سمير نصري، فيرا، هنري، تريزيغة، بنزيمة، بن عرفة وغيرهم.
كل هؤلاء يحق لهم تمثيل هذه البلدان لان الجنسية لم تاتيهم "هبة" تجنسهم جاء بحق مشروع من حيث الولادة أو الزواج أو العمل ودفع الضرائب أو عبر الهجرة الشرعية فكان تجنسهم وتمثيلهم لبلدان غير أصيلة حق مشروع.
تجنيس اللاعبين في البلدان المتحضرة لا يمكن أن يأتي اعتباطياً، حاولت هولندا تجنيس "كالو" قبل كأس العالم (2006) في ألمانيا وهو من (كوت ديفوار) وكان يلعب لنادي (فينورد روتردام) الذي يرفع جمهوره الأعلام الفلسطينية نكاية بنادي (اياكس امستردام) الذي يرفع جمهوره الأعلام الاسرائيلية، والذي انتقل فيما بعد الى نادي (تشلسي) الانجليزي. كان المنتخب الهولندي محتاجاً للغاية الى كالو الذي قضى ثلاثة اعوام ونصف في هولندا وقد تقدم بطلب رسمي للحصول على الجنسية الهولندية الاّ ان طلبه رفض لعدم اكتمال الفترة القانونية والمامه باللغة الهولندية من قبل وزيرة الداخلية. "انجن" فان باستن مدرِّب المنتخب الهولندي من هذا القرار وتدخل "يوهان كرويف" نجم هولندا السابق الذي كتب الى الوزيرة والى ملكة هولندا "بياتركس" بالتدخل لتغيير القرار والاستعجال بـ تجنيس "كالو" لاحتياج المنتخب الهولندي له. رفض الطلب ولم يتمّ تجنيس كالو! هذا الأمر يعطيك انطباع بأن التجنيس عملية ليست سهلة ولا تمنح الجنسية المكتسبة لمن يشاء حتى وان كان البلد بحاجة لخدمات اللاعب.
أنا مع التجنيس في حالات معينة فمثلاً قد يأتيك جيل "عظيم" لكنه ضعيف في مركز أو مركزين كحارس مرمى أو قلب دفاع أو قلب هجوم. هذا الجيل قد لا يحقّق أي شيء للبلد بمفرده دون وجود حارس كبير أو هداف قناص واضافة لاعب مجنس على أن يكون له الرغبة بالبلد والعيش فيه بعض الوقت ومستعد للانتماء وعمره مناسب وليس اسماً معروفاً على صعيد اللعبة في العالم قد يضيف ويسد النقص في صفوف المنتخب وقد يساهم مع مجموعة لاعبي المنتخب بتحقيق انجازات واسعة. هذا الجيل قد يعتزل ويضيع بدون انجازات حقيقية وبدل من اضاعة هذا الجيل من الممكن ان تحقّق انجازات باضافة لاعب أو اثنين.
بالتأكيد هذا الشيء مقبول ولا خلاف عليه، حيث منحت اليابان الجنسية الى البرازيلي "راموس" وغيره الذين شاركوها بتحقيق انجازات كبيرة، وكذلك فعلت تونس حينما منحت الجنسية لـ الهداف البرازيلي (سانتوس دي سيلفا) الذي اوصلها كأس العالم (2006).
أفضل مثال على التجنيس الذي أؤيده هو "الطريقة الكويتية". الشيخ فهد الforaten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? الذي كان وراء نجاحات الكويت، عرف أنَّ الجيل الذهبي لـ الكويت في السبعينيات والثمانينيات قد لا يحقّق له أي شيء، فالمنتخب الكويتي كانت له قوة في أغلب المراكز الاّ مركز "حارس المرمى"، فلم يكن "سند سيحان" بنفس مستوى كبار الكرة الكويتية وكان يشكل نقطة ضعف، ولم يكن الحارس الآخر "جاسم بهمن" مهيئاً بعد لتمثيل منتخب الكويت، فلم يكن أمام الforaten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? الاّ تجنيس "foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? الطرابلسي"، وهو لبناني الأصل وشقيق الرباع اللبناني "محمد خير الطرابلسي" الذي احرز الميدالية الفضية في اولمبياد ميونخ (1972)، حيث عرض القضية على مجلس الأمة الكويتي الذي وافق على منح الطرابلسي جنسية دولة الكويت، وهو الذي ساهم مع جيل الكرة الكويتية الكبير تحقيق الانجازات بالفوز بكأس آسيا (1980)، والتأهل الى الاولمبياد (1980)، والصعود الى كأس العالم (1982). ومثال آخر على طرحي هذا ما فعلته مملكة البحرين في تصفيات كأس العالم (2010) حيث كانت تمتلك فريق كبير ينقصه اللاعب القناص القادر على استغلال الفرص وتسجيل الاهداف, فتمَّ تجنيس المهاجم "جيسي جونز" والذي ساهم في تحقيق النتائج وابعاد السعودية عن كأس العالم بعد (4) مشاركات ناجحة منذ وصولها لكأس العالم لأوَّل مرة (1994) حيث نجحت بعدها في التأهل لهذا المحفل الكبير اعوام (1998), (2002), و (2006).
أنا مع مثل هذا الحل في اتخاذ قرار بالموافقة على التجنيس اذا ما كان المنتخب العراقي بحاجة اليه. لم يدخل التجنيس الكرة العراقية بل دخل كرة السلة العراقية حيث أنَّ "محمد مصطفى" وهو فلسطينى الأصل مثل العراق بامانة وكان نجما غير عادي شهدت له أوساط السلَّة العربية.
بالطبع أنا ضد تجنيس فريق كامل، فهذا الأمر أرفضه لأنَّه لا يعبِّر عن مستوى الكرة الحقيقي للبلد وأنّه يعبر عن دعاية اعلامية لا أكثر.
التجنيس... أيهما أفضل؟
· ان يتأهل العراق الى كأس العالم مرة واحدة كل (40) عاماً بدون الاستعانة بلاعبين اجانب.
· (أو) ان يبلغ العراق كأس العالم مرتين في كل (3) بطولات بوجود (2-3) لاعبين مجنسين وكسب خبرة اللعب مع كبار العالم وانضاج وتطور نجومه ونيل مكاسب كأس العالم.