وقفة مع الإمام المهدي ... في أوربا
هذه الوقفات هي نظرة تنطلق من المعني العام لروايات الظهور المقدس ، لكنها لا تحدد بحدود الدراسة العلمية للحديث والرواية وبذلك تأخذ هذه الوقفات من الواقع المعاصر الشيء الكثير وتسقطه إلى معاني الروايات المجمل والعام ، وكل ذلك من اجل ملاحقة الأحداث الجارية وترجمتها بالطريقة التي يفهمها من ينتظر الإمام المهدي عليه السلام .. تاركين في نهاية المطاف الخيار بين يدي القراء الأعزاء في ترك ما يتركونه وأخذ أو تصحيح ما يريدونه ...
سيحدث في أوربا أن أتباع روح الله المسيح سينتظرون نزوله عليه السلام من السماء ليعم العدل والسلام ( والخلاص من الأزمات المالية والسياسية) وسيحدث فتح عظيم ونصر كبير للإمام المهدي لا تسيل فيه الدماء ولا تزهق فيه الأرواح فأغلب الروايات تشير إلى هذا الفتح السلمي ، وان لم نستطع أن نؤكد هذا بصورة قطعية فأننا متأكدون بانحصار المواجهة العسكرية في أوربا إلى درجة لا تقارن مع المواجهات التي سيخوضها الإمام عليه السلام في الشرق الأوسط عموما وفي العراق وفلسطين خصوصا..
السؤال الذي يطرح وبقوة : كيف يدخل الإمام المهدي أوربا محررا هل ستتغير عقيدة القوم بين ليلة وضحاها ؟؟!هل دعوة المسيح عليه السلام ستقف خلف هذا الفتح السلمي ؟.. هل سيأتي الفتح بعد ثورة شعبية تقوم بها المجتمعات الأوربية بسبب فساد الأنظمة السياسية والاقتصادية ( وهل يستطيع مثلا الاتحاد الأوربي أن يتحرر من الهيمنة الأمريكية في هذه المرحلة بعد انهيار النظام المالي العالمي وبعد أن ظهر التنين الصيني كقوة عظمى وروسيا التي تريد أن تعيد مجدها السابق وقد شهد العالم كيف وقفت الصين وروسيا وبشدة ضد أي مشروع يدين كوريا الشمالية؟) ..هل سيأتي الإمام عليه السلام بعد هزة مالية وسياسية اقتصادية تعم أوربا ؟ وقد يكون الفتح السلمي للإمام عليه السلام في أوربا لأنها وجدت فيه البديل الصالح لها ، أو سيكون وليد تأثر الغرب بنموذج الدولة التي سيقيمها الإمام عليه السلام في الشرق الأوسط ، وربما في حينها ستمتد إلى أجزاء كبيرة من آسيا وأفريقيا.. بيد أن التأثر بنموذج دولة الإمام عليه السلام قد لا يكفي أن يجعل المجتمع الغربي يقف على سواحل البحر الأبيض ليقول للإمام ( أهلا بك يا ابن فاطمة) ، فيما سيُستقبل الإمام في المشرق استقبالا جافا يصل إلى حد قولهم ( ارجع يا ابن فاطمة من حيث أتيت) !!!
بالحقيقة لا يمكن لطبيعة الاستقبال أن تكون موضوع المفاضلة لأن من سيقول ارجع ليس شعوب الشرق الأوسط والخليج العربي وبلاد الشام بل أولئك الذين كانوا وما زالوا والى ظهور الإمام يعتاشون على التسلط والاستبداد والاستحواذ ..لكن ومع ذلك يحسب للشعوب الغربية إدراكها السريع ، ولعله الغريب لقضية الإمام عليه السلام أن يحسب لها عنفوان التفاعل الحماسي مع شخص الإمام وبالتالي نصرته ليس من اجل مصالح نفعية زائلة بل من اجل عقيدة ومبدأ وإلا لم يكن الاستقبال بعنوان (يا بن فاطمة)............
إن إدراك المجتمع الغربي السريع لقضية الظهور لم يأخذ من الزمن سوى اقل من عقد على بعض الروايات يبدأ مع ابتداء هذه الحركة بقيادة الإمام ، ولا يقاس بأمة المسلمين التي أخذت كل هذه القرون الطويلة وكانت مهدا لرسالات الأنبياء والمرسلين ثم يدخلها الإمام بالسيف...على أننا لا ننكر دور شعوب الشرق الأوسط عموما والعراق خصوصا في حركة الظهور فهم نواة دولة العدل الإلهي وهم من سيبني عرى هذه الدولة بقوة اليقين وروح الإخلاص والولاء ..إذن لكل شعب وأمة دور في حركة الظهور لا يمكن أن تستغني هذه الحركة المقدسة عن أي منها لأن هذه الحركة تريد أن تهب لكل أمة جانبا حيوي في صناعة دولة العدل ، ولأن هذه الحركة الإلهية تريد من الإنسان( إي إنسان) أن يأخذ نصيبه في صناعة الحياة الجديدة وبالتالي فهي حركة عالمية تمنح الفرد والأمة المكانة المميزة في صناعة الواقع الجديد وهي تنأى بنفسها عن أي مضاعفات فئوية وعرقية (بل تريد القضاء عليها ) وحتى يكون الانتصار ثمرة كل الجهود الإنسانية - حيث وجد الإنسان- وبذلك لن يكون العدو سوى التسلط والهيمنة والظلم والجور والفقر والفساد وغير ذلك من ألوان الانحراف .
أما من أولئك الذين سيقفون بوجه الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف في المشرق ؟ وماهو تاريخهم وماهي أخلاقهم وأفكارهم وهل هم مجموعة لا تنتمي إلى تاريخ وأخلاق بقدر ما تنتمي لعنصر الانحراف والتكفير والتجبر ؟؟ فأن ذلك سنوكله إلى ما يراه القراء ، مثل ما سنوكل إليهم البحث عن تلك الثلة المخلصة من أبناء أوربا والتي ستجعل من كل شعوب الغرب تقول للإمام عليه السلام أهلا بك يا بن فاطمة ...