قراءة في كتاب
محمد خضير سلطان
صدر كتاب قاموس اللهجة العامية البصرية من تأليف foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? عبد الرزاق الحلفي وبثينة عبد الوهاب الحلفي عن دار العباد للطباعة والنشر 2009 وبثلاثة اجزاء، استوفى الكتاب قدرا كبيرا من احصاء المفردات العامية البصرية ويقرنها مع الامثال والاشعار الشعبية
واختبرها في المنهاجية المتبعة للبحث والتحليل المعجمي ولعل معجم اللهجة العامية البصرية قد جاء من حيث سياقه المنهجي في وقت مناسب اذ اعاد تقييم اللهجات العامية ومنها العراقية الى نصابها الالسني والاجتماعي ولم يتسن لمثل هذا البحث والقاموس ان يرى النور في ظل النظرة القومية السياسية التي تستهدف القضاء على اللهجات العامية وتعدها جزءا من تراكمات ضعف الحضارة العربية والاسلامية وشكلا من الغزو الاجنبي لاقوام ابعدت الثقافة العربية عن فصاحتها وعصرها الذهبي وغاب عن ذهنية تلك القوى ان اكثر المفردات المستعملة في المجال الحيوي للغة لم تكن بذاك المستوى من التأثير السلبي، ولم يكن استخدام المفردات تبعا لاقوام غريبة على سكان ارض الرافدين وانما ارجع العلم الالسني وفي بعض تطبيقاته العربية الى ان جذور تلك المفردات تعود الى اصلها البابلي والاكدي قبل الميلاد، وتتأكد حقيقة ذلك في قراءة الكتابات والرقم الطينية والاختام واللقى وسواها كما اكد المؤلفان في الكتاب كما ان دراسة اللهجات(العامية)، سوف يوفر القاعدة الاساسية للادب والتحليل المقارن بين اللغات القديمة واللهجة المحلية وهو درس استشراقي لم نتعلمه حتى الان وقد ظهرت ملامح هذا الدرس حينما اقدم بعض الباحثين في علمي السومريات والاشوريات على ترجمة الآثار القديمة من الاصل الى اللغة العربية مباشرة مع ابقاء اللغة اللاتينية والفرنسية او الانكليزية كلغات مقابلة للمقارنة غير انها غيرت محور النقل والترجمة والتحقق من سياق اللغة اللاتينية الى اللغة العربية وبذلك، اكتشف الباحث ولأول مرة الثراء اللغوي للهجة المحلية وعلاقتها المباشرة باللغة الفصحى مثلما اكتشف العلاقات الاشتقاقية بين اللغات الثلاث، القديمة والفصحى والعامية فيما كان الاستشراق لا يعنى بهذا الجانب تبعا لتمركزه الى اللغة اللاتينية.
على هذا الاساس، تكمن ضرورة المعجم الذي الفه الباحثان وفي هذا الوقت بالذات اذ سيصبح قاعدة معلومات للبحث في المجال الاثاري وغيره ويوفر المعلومة المهمة للنهوض في علم الاجتماع واللغة.
من جانب آخر فقد حفلت الثقافة العراقية والعربية بنماذج كثيرة قبل ان تجمدها النظرة القومية السياسية الى العامية، اهتمت في هذا المجال الحيوي اذ جرى الاهتمام كما تذكر مقدمة الكتاب من قبل كثيرين بدءا من الجاحظ وانتهاء بالاساتذة الكبار انستاس ماري الكرملي ومصطفى جواد والشيخ محمد رضا الشبيبي والرصافي وغيرهم.
وخروجا على الاساليب المتبعة والمألوفة في بقية القواميس، اعتمد المؤلفان في منهج البحث، تقسيم كل حرف ابجدي الى قسمين : اسماء وافعال، ويقول المؤلفان في مقدمة الكتاب: خرجنا على تلك الاساليب من ناحية آخرى فاذا كان المنهج المتبع في القواميس المالوفة هو جعل مصدرالكلمة المفتاح الذي بواسطته يمكن الحصول على تشعبات تلك الكلمة من اسم وفعل وصفة، فان منهجنا وضع تلك التشعبات، كل واحدة منها مستقلة في مكانها.
ويضرب المؤلفان مثلا، عندما يبحث الشخص عن كلمة اتجاه فانه يجده في مصدرها (وجه) ومن الاسهل له ان يجدها في كلمة وجه، اي ان الكلمة في مكانها وليس في مصدرها، ومع ذلك فان هذه المنهاجية تحتاج الى قراءة دقيقة، ترتبط بمادة البحث وسياقها الالسني بمعنى ان اللهجة العامية وان كانت بلا قواعد او نحو او صرف الا انها لا تفتقد الى تلك القواعد في السياق الالسني الاجتماعي فضلا عن منهاجية الكتاب ربما جاءت ملبية لهذا الفرق بين اللغة والاستخدام من جانب واللغة والتقعيد من جانب آخر.