تمر علينا ايها الاخوة هذه الايام الذكرى السنوية لاستشهاد راهب ال محمد الامام موسى الكاظم عليه السلام .
وايمانا منا بان دور الائمة عليهم السلام هو دور تكميلي احدهما للاخر مع اختلاف ظروف التطبيق حسب الظروف الواقعية التي تحيط بالامام نفسه ، لكن وحدة الهدف وسمو الغاية هو المشترك الاساسي الذي تبنى عليه تلك الادوار الالهية المقدسة .
وهنا لابد من التطرق بعجالة الى الدور السياسي الذي مارسه الامام الكاظم عليه السلام وسط الظروف التي كان يعيشها وهو يواكب اربعة طواغيت من طواغيت بني العباس انذاك .
تمثل تجربة الحياة السياسية للإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) وجهاده لتأدية دوره الرسالي في قيادة الأمة الإسلامية ومواجهة حكومات الجور والاستبداد اللاشرعية المعاصرة له، إحدى التجارب السياسية الزاخرة بالقيم والدلالات للأئمة المعصومين (عليهم السلام) التي انطوت كل منها على لمسات وخصائص مميزة أملتها طبيعة الظروف والتبدلات السياسية والفكرية والاجتماعية التي عاصرها أو عاش خلالها كل أمام، إبان فترة ولايته، فوسعت بذلك أشكال قيادته وجهاده، وتجربته بميسمها.
إن التجربة السياسية في حياة الإمام الكاظم (عليه السلام) هي جزء لا يتجزأ من إمامته وحياته العامة (الدينية والسياسية) والتي لا يمكن فصلها قسراً بأي حال، عن جوانبها الأخرى، إلا إذا سلمنا بالمبدأ الخاطئ الذي يفصل اعتباطا، الدين عن السياسة، وهذا يعني أن حياة الإمام الكاظم (عليه السلام)، وكما حياة الأئمة الآخرين، تنتظم في وحدة عضوية واحدة، رغم تنوع جوانبها، حيث يستنبط كل جانب في تعبيراته الخاصة، والجوانب الأخرى.
إن عقيدة المسلمين الشيعة الإمامية بالإمامة والإمام المعصوم وبتنوع واجباته وتعددها، تؤكد على تبوء الجانب السياسي موقعا حاسما، في حياة الأئمة. فالإمامة، حسب اعتقادهم، هي استمرار للنبوة، وأن للإمام ما للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من الولاية العامة على الناس والتي تعني حكماً، إن الإمام المعصوم يؤدي بولايته دورا دينيا-سياسياً في آن واحد، كما أدّاه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
لقد وصف الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) الإمامة والإمام ومنزلته بقوله: الإمام أسّ الاسلام النامي وفرعه السامي. بالإمام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وتوفير الفيء والصدقات وإمضاء الحدود والأحكام ومنع الثغور والأطراف) وهذا يشير أيضاً بشكل جلي، إلى الدور الديني – السياسي الذي يؤديه الإمام في آن واحد، منذ بداية ولايته العامة.
وفي ضوء ذلك،فلابد علينا من فهم واستيعاب الحياة السياسية للإمام الكاظم (عليه السلام) وجعلها موضوعا للدراسة والتحليل،وتسليط الضوء وتركيزه، على جهاد الإمام وكفاحه، من اجل رعاية وحماية شؤون المسلمين، ومقاومة حكام الجور والاستبداد اللاشرعي، لانتزاع موقع الولاية المغتصبة منهم، وإعادتها إلى أصحابها الشرعيين، أي الإمام الكاظم (عليه السلام) ذاته.