كغيري من الشباب الطموح أرى في نفسي القدرة على مواجهة الصعاب , والتغلّب على الأمور الغلاب , منذ نشأتي وأنا أحب المغامرات والقصص البطولية , وبعد أن كبرت وأصبحت شاباً يافعاً , لم تغادرني تلك القصص وإن كانت في أغلبها روايات لا صحة لها , ولكني أعرف أن لا شيء مستحيل , ومن توفيق الله ما طرقت بابا إلا نجحت وبلغت مرامي , فسمعت عن مثلث الشيطان ؟؟؟
ذلك البحر الهائج والذي ما دخله شخص وخرج , فتاقت نفسي للمغامرة وتذكرت أبطال الروايات , وخيال الحكايات وما حدثت من أمور أشبه ما تكون بالمعجزات , فقررت الخوض في بحر الظلمات , وبدأت الرحلة يصحبها حب المغامرة والخوف من المصير , وما إن بدأت الخوض في أمواج البحر العاتية حتى سكنت الرهبة داخلي واستحوذ علي الخوف , ولكني أعرف أن الخوف من أسباب النجاح , والعودة عن العزم تعني الخور وقلة الحزم , فتقدمت بالسفينة وصارعت الأمواج وكأني بالمحيط يضحك ساخراً
,
ومن أنت يا فتى من أبطال أتو وما عادوا , وطائرات حلقت فما أكملت التحليق , وسفن سبحت فما أكملت المسير , كلّهم ابتلعتهم بأمواجي وأطعمتهم أسماكي وحيتاني ,
فصرخت قائلاً ومن أنت إلا بحر مأمور وماء مغمور , فإن كنت شراً فالشر مقهور , وإن كنت خيراً فالخير محبور , وما أنت بمهلكي إن لم تشأ قدرة الله , حتى وإن ابتلعتني أمواجك , وتسلّطت علي حيتانك , ووالله ما أنت بعزيز إن اتبعت شيطانك , عندها أحسست بهدوء البحر فما إن هدى حتى رأيته يحيطني ولا يابسة , وكأن السفينة قد بدت مني غاضبة عابسة , خاطبتني فقالت: أنا مأمورة والبحر مأمور وحتى أنت أيها الرجل المسكين عبد مأمور أوما علمت أن الله يقول : ( ولا تلقوا بأيديكم إلا التهلكة ) ,
تفكّرت في الآية الكريمة وبدأ السكون يخيّم كل المكان , عندها وكأن صوتاً من داخل البحر يقول :
ياعبد الله ويلك أمستعد للموت ؟؟
وماسبب مجيئك ؟؟
تخاطر بحياتك ليقال عنك بطل ؟؟
وهل أنت إلا مستأمن قد أمنك الله على روحك ؟؟
بدأ الموج يصارع سفينتي من جديد بكل قوة وبدأت الحيتان تحاصر المكان وأتت العاصفة محمّلة بالريح , بدأ اهتزاز السفينة يمنة ويسرة , وبدأت أشرعتها تتشقق وأخشابها تتكسر , والموج لا يقف ولا يتعثر..
رباه من غيرك ينجيني ومن سواك يحميني , الموج لا يقف إلا بأمرك , والبحر لا يهيج إلا بأمرك , وأنا المحاسب إن غادرت الروح ,
بدأت الأمواج تبتعد , وهدأت العواصف وسكن البحر وزال العناء بعد الشقاء , علمت أن الله قادر والبحر ليس بغادر , ولكنه مأمور والله وحدهـ هو الآمر , تفكرت في قدرة الله عز وجل وعظمته , وعرفت فقر الانسان وقلة حيلته , مهما بلغ من القوة فهو ضعيف , ومهما بلغ ماله فهو فقير , ومهما بلغ علمه فما أوتي من العلم إلا القليل , عاودت أدراجي واستدرت بسفينة راجياً ربي أن ينجيني وعاهدته أن لا يعلم برحلتي أحد , فعدت وقد تعلّمت أن البطل من عمل لما بعد الموت
::
مما راق لي