تكرر مجيء المفردة القرآنية (بِأَعْيُنِنَا ) في أكثر من مورد في القرآن الكريم :
{ وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ} هود : 37
{ فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا } المؤمنون : 27
{ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ } الطور : 48
{ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ } القمر 13-14
تأمل التعبير القرآني :
{ فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا }
لقد جاءت كلمة وحينا بعد أعيننا, وفي هذا إشارة إلى أن أعيننا في هذا المورد قد استتخدمت للإشارة إلى المراقبة والرعاية الإلهية لما يقوم به نبي الله نوح عليه السلام.
إن مفردة ( العين ) تستخدم بلاغيا للإشارة إلى المراعاة والمراقبة.
إن ذكر العين تمثيل لشدة الملاحظة وهذا التمثيل كناية عن لازم الملاحظة من النصر والجزاء والحفظ .
النكتة البلاغية الأخرى هي مجيء العين بصيغة الجمع, و هذا يشير إلى المبالغة في الرعاية و التسديد لتعدد متعلقات الملاحظة, فهناك أمور متعددة بمرتبطة بهذه السفينة, منها :
- رعاية الله سبحانه وتعالى لمن هم في السفينة بتجبنيهم الغرق أثناء عملية الطوفان و تحقيق السلامة لهم, واختيار التوقيت المناسب الآمن لنزول هؤلاء المؤمنين من السفينة بعد انتهاء الطوفان.
- تسديد نبي الله نوح في أداء هذه المهمة على الوجه الأكمل.
- معاقبة من يقف ضد النبي نوح و أتباعه بالغرق جزاءا لهم على كفرهم و إعراضهم عن الحق.
قال آية الله العظمى العلامة الطباطبائي في الميزان :
" معنى صنع الفلك بأعينه صنعه بمرأى منه و هو كناية عن كونه تحت مراقبته تعالى و محافظته، و معنى كون الصنع بوحيه كونه بتعليمه الغيبي حالا بعد حال."
و قال شيخ الطائفة الطوسي في التبيان :
" وقوله " بأعيننا " معناه بحيث نراها وكأنها ترى بأعين على طريق المبالغة، والمعنى بحفظنا إياك حفظ من يراك ويملك دفع السوء عنك. "