السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله – صلى الله عليه وسلم , ثمّ أمّا بعد ,
المسجد الجامع بدهلى بالهند بناه السلطان شاه جَهان
أمة لا تعرف تاريخها , لا تحسن صياغة مستقبلها ...
إن لله تعالى سنن لا تتبدل ولا تتغير ..
قال ربى وأحق القول قول ربى ( ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا) , وإن النصر والتمكين لأمة الإسلام له سنن وقوانين ..
وإن التاريخ الإسلامى هو التطبيق العملى لسنن الله فى النصر والهزيمة , وهو بمثابة الدرس العملى الذى يوضح لنا كيفية عمل تلك السنن وكيفية تطبيقها ...
ولعل هذا الجانب هو أهم الجوانب فى دراسة وقراءة التاريخ الإسلامى , وهذا الجانب بالذات يشترط وجود العلم الغزير والعقل السديد فى قراءة التاريخ , ولا ينفع معه قراءة العوام او حتى المثقفين البعيدين عن أمور العلم الشرعى , اذن فهو جانب مقتصر على فئة معينة من المسلمين , ولا عجب ان نعلم ان كبار علماء المسلمين قديما هم أصحاب أشهر كتب فى التاريخ !!
أعظم كتاب فى التاريخ وهو البداية والنهاية كان للحافظ ابن كثير الدمشقى رحمه الله !! وكتاب تاريخ الأمم والملوك كان للإمام المجتهد ابن جرير الطبرى !! وغيرهم من العلماء الثقات الذين ألفوا فى التاريخ , وهذا إنْ دل على شيىء دلّ على ان علم التاريخ كان محط اهتمام علماء المسلمين من السلف الصالح قديما لأنهم يعلمون جيدا أهمية التاريخ ..
قاعة الأسود بقصر الحمراء بغرناطة - الأندلس المحتلة ..
وهناك جانب آخر مهم جدا هذه الآونة يجب استشعاره واستحضاره أثناء دراسة وقراءة كتب التاريخ ولا يشترط معه وجود علم كافى بالعلوم الشرعية او ما شابه , بل هو مناسب لجميع المسلمين كبارا وصغارا , رجالا ونساءا , علماءا وجهالا , وهو أن التاريخ أداة مهمة جدا للحفاظ على هوية الأمة الإسلامية وسط هذا الغزو الفكرى الرهيب !!
ولا يختلف اثنان ان سرد قصص القادة الفتحين وأمجاد أجدادنا السالفين وحضارتهم لها مفعول السحر فى قلوب وعقول شبابنا المسلمين فى مرحلة المراهقة وحتى مرحلة النضج !!
فهى والله تؤجج الصدر وتبعث فى النفس روح الجِدّ والعزيمة وتحث النفس على طلب معالى الأمور وتجنب سفاسفها ..
وهناك جوانب أخرى عديدة جدا لأهمية علم التاريخ مشحونة بها الكتب والمصنفات ولا داعى للإطالة فى هذا الأمر .
أحد قصور المسلمين بإشبيلية - الأندلس المحتلة ..
لذا كان من الأهمية بمكان دراسة التاريخ الإسلامى دراسة مستفيضة وموضوعية ونشر أمجاد المسلمين الفاتحين وحضارة المسلمين الشرعية والدنيوية فى علوم الطب والفلك والهندسة والفيزياء والكيمياء و....الخ من العلوم التطبيقية ...
ظنّ بعض الإخوة انه لا فائدة من التاريخ وأنها مجرد قصص وحواديت تحكى لنا أمجاد المسلمين فى الماضى وليس لها علاقة ابدا بالواقع !!
وسبب آخر ان بعض الإخوة يظن ان دراسة التاريخ نوع من الهزيمة النفسية !! ونوع من الهروب من واقع المسلمين الأليم عن طريق التغنى بأمجاد الماضى !!
وآخرون لا تميل قلوبهم للتاريخ ولا تستيغ آذانهم هذه الكلمة من الأساس (التاريخ)
وغيرها من الأسباب , وأنا لا ألومهم فهم يُعذرون لجهلهم بأهمية علم التاريخ – وهذه ليست سُبة بالطبع – ابتسامة
سنبدأ فى كتابة موضوعات عن حضارة المسلمين العلمية فى كافة المجالات والتى تكاد مجهولة تماما لعموم المسلمين !!
من من المسلمين اليوم يعرف شيئا عن حضارة المسلمين فى الطب مثلا !!
يا شباب كليات الطب ماذا تعرفون عن أعظم طبيب مسلم وهو أبو القاسم الزهراوى رحمه الله ...
هل تعرفون أنه أول من أجرى عملية وجراحة اسئصال الغدة الدرقية فى العالم قبل ان يكتشف الأوروبين هذا الأمر بـ 600 سنة !!
هل علمتم ان أول شيىء كان يُمتحن فيه طالب علم الطب للحصول على الإجازة بممارسة علوم الطب هو الجراحة !!
سأوريكم صورة من مخطوطة من مخطوطات المسلمين لأدوات اخترعها ابو القاسم الزهراوى وغيره من علماء المسلمين للمساعدة فى العلميات الجراحية , وأريدكم ان تقارنوا بينها وبين الأدوات الحديثة , حسنا ؟
وهذه مخطوطة لاتينية مترجمة من اللغة العربية لكتاب الزهرواى "التصريف فى الطب" وفيها رسوم الأدوات والآلات الجراحية !!
نعم , لا تتعجبوا نحن من اخترعنا هذه الأدوات وسرقها الغرب مننا ونسبوها لأنفسهم !!
يتبع