قال الصادق (عليه السلام) :
إنّ الصيام ليس من الطعام والشراب وحده ،
إنما للصوم شرطٌ يحتاج أن يُحفظ حتى يتمّ الصوم ، وهو صمت الداخل ،
أما تسمع ما قالت مريم بنت عمران :
{ إني نذرت للرحمن صوما ، فلن أكلم اليوم إنسيا } يعني صمتاً .
فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم عن الكذب ،
وغضّوا أبصاركم ، ولا تنازعوا ،
ولا تحاسدوا ، ولا تغتابو ، ولا تماروا ،
ولا تكذبوا ، ولا تباشروا ، ولا تخالفوا ،
ولا تغاضبوا ، ولا تسابّوا ، ولا تشاتموا ،
ولا تفاتروا ، ولا تجادلوا ، ولا تتأذّوا ،
ولا تظلموا ، ولا تسافهوا ، ولا تضاجروا ،
ولا تغفلوا عن ذكر الله وعن الصلاة .
والزموا الصمت والسكوت ،
والحلم والصبر والصدق ،
ومجانبة أهل الشرّ ،
واجتنبوا قول الزور والكذب والفري
والخصومة ، وظنّ السوء والغيبة والنميمة .
وكونوا مشرفين على الآخرة ،
منتظرين لأيامكم ، منتظرين لما وعدكم الله ،
متزودين للقاء الله ، وعليكم السكينة والوقار
والخشوع والخضوع وذلّ العبيد الخيّف من مولاه ، خيّرين خائفين راجين مرعوبين مرهوبين راغبين راهبين .
قد طهرّتَ القلب من العيوب ،
وتقدّست سرائركم من الخبث ، ونظّفتَ الجسم من القاذورات ، وتبرّأتَ إلى الله من عداه ،
وواليتَ الله في صومك بالصمت من جميع الجهات ،
مما قد نهاك الله عنه في السرّ والعلانية ،
وخشيتَ الله حقّ خشيته في سرّك وعلانيتك ،
ووهبتَ نفسك لله في أيام صومك ،
وفرّغتَ قلبك له ،
ونصبتَ نفسك له فيما أمرك ودعاك إليه .
فإذا فعلت ذلك كله فأنت صائمٌ لله بحقيقة صومه ،
صانعٌ له لما أمرك ،
وكلما نقصت منها شيئاً فيما بيّنتُ لك ، فقد نقص من صومك بمقدار ذلك ...
نسالكم الدعاءءء