الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
اخترت لكم اليوم موضوع من موسوعة جواهر البحار وبالاخص كتاب التوحيد
موضوع يبين فيه ثواب الموحدين والعارفين ، وبيان وجوب المعرفة وعلته ، وبيان ما هو حق معرفته
قال النبي (ص) : والذي بعثني بالحق بشيرا ، لا يعذّب الله بالنار موحِّدا أبدا ، وإنّ أهل التوحيد ليشفعون فيشفّعون ، ثم قال (ص) : إنه إذا كان يوم القيامة أمر الله تبارك وتعالى بقوم ساءت أعمالهم في دار الدنيا إلى النار فيقولون :
يا ربنا !.. كيف تدخلنا النار وقد كنا نوحّدك في دار الدنيا ؟.. وكيف تحرق النار ألسنتنا ، وقد نطقت بتوحيدك في دار الدنيا ؟.. وكيف تحرق قلوبنا وقد عقدت على أن لا إله إلا أنت ؟.. أم كيف تحرق وجوهنا ، وقد عفّرناها لك في التراب ؟.. أم كيف تحرق أيدينا ، وقد رفعناها بالدعاء إليك ؟..
فيقول الله جلّ جلاله : عبادي !.. ساءت أعمالكم في دار الدنيا فجزاؤكم نار جهنم ، فيقولون : يا ربنا !.. عفوك أعظم أم خطيئتنا ؟.. فيقول تبارك وتعالى : بل عفوي ، فيقولون :رحمتك أوسع أم ذنوبنا ؟.. فيقول عزّ وجلّ : بل رحمتي ، فيقولون : إقرارنا بتوحيدك أعظم أم ذنوبنا ؟.. فيقول تعالى : بل إقراركم بتوحيدي أعظم ، فيقولون : ربنا !.. فليسعنا عفوك ورحمتك التي وسعت كل شيء .
فيقول الله جلّ جلاله : ملائكتي !.. وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً أحبّ إليّ من المقرِّين بتوحيدي ، وأن لا إله غيري ، وحقٌّ عليَّ أن لا أصلي أهل توحيدي ادخلوا عبادي الجنة .
لما وافى الرضا (ع) نيسابور ، وأراد أن يخرج منها إلى المأمون ، اجتمع عليه أصحاب الحديث فقالوا له : يا بن رسول الله !.. ترحل عنا ولا تحدّثنا بحديث فنستفيده منك - وكان قد قعد في العماريّة - فأطلع رأسه وقال :
سمعت أبي موسى بن جعفر يقول : سمعت أبي جعفر بن محمد يقول : سمعت أبي محمد بن علي يقول : سمعت أبي علي بن الحسين يقول : سمعت أبي الحسين بن علي بن أبي طالب يقول : سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) يقول : سمعت رسول الله (ص) يقول : سمعت جبرائيل يقول : سمعت الله جلّ جلاله يقول : لا إله إلا الله حصني ، فمَن دخل حصني أمن عذابي.فلما مرّت الراحلة نادانا : بشروطها وأنا من شروطها .
قال النبي (ص) : بينما رجلٌ مستلقٍ على ظهره ينظر إلى السماء وإلى النجوم ويقول : والله إنّ لك لرباً هو خالقك ، اللهم اغفر لي .. فنظر الله عزّ وجلّ إليه فغفر له .
قال الرضا (ع) : إنّ رجلاً أتى أبا جعفر (ع) فسأله عن الحديث الذي روي عن رسول الله (ص) أنه قال : مَن قال لا إله إلا الله دخل الجنة ، فقال أبو جعفر (ع) :
الخبر حقٌّ ، فولّى الرجل مدبرا فلما خرج أمر بردّه ، ثم قال : يا هذا !.. إنّ للا إله إلا الله شروطا ، ألا وإني من شروطها .
قال الباقر (ع) : جاء أعرابي إلى النبي (ص) فقال : يا رسول الله !.. هل للجنة من ثمن ؟.. قال : نعم ، قال : ما ثمنها ؟.. قال : لا إله إلا الله ، يقولها العبد مخلصا بها ، قال : وما إخلاصها ؟.. قال : العمل بما بُعثت به في حقه وحبّ أهل بيتي ، قال : فداك أبي وأمي !.. وإنّ حبّ أهل البيت لمن حقها ؟.. قال : إنّ حبّهم لأعظم حقها .
قال الصادق (ع) : العارف شخصه مع الخلق وقلبه مع الله ، لو سها قلبه عن الله طرفة عين لمات شوقا إليه ، والعارف أمين ودائع الله ، وكنز أسراره ، ومعدن نوره ، ودليل رحمته على خلقه ، ومطيّة علومه ، وميزان فضله وعدله ، قد غني عن الخلق والمراد والدنيا ، فلا مونس له سوى الله ، ولا نطق ولا إشارة ولا نفس إلا بالله ولله ومن الله ومع الله ، فهو في رياض قدسه متردّد ، ومن لطائف فضله إليه متزوّد ، والمعرفة أصلٌ فرعه الإيمان .