إن خطورة الدور الإيراني لا تقل سلبية عن الدور الأمريكي في العراق وفي المنطقة من ناحية التخريب والتقسيم، وتفتيت المكون العربي ، فإيران مثلا حين اقترحت خلال تواجدها في مؤتمر اسطنبول لدول جوار العراق (عقد في 3-11-2007) عبر وزير خارجيتها "منوشهر متكي"، إرسال قواتها إلى العراق بدلاً من القوات الأمريكية بالتحالف مع سوريا ؛ لتحقيق الأمن والاستقرار كما زعمت في العراق ، كان للتغطية على هدفها الرئيسي وهو تصدير الثورة الإيرانية للعراق وزرع الخلايا النائمة في المنطقة، وتهجير العراقيين وخطفهم وقتلهم على الهوية المذهبية وتغيير خارطة العراق الديموغرافية، وتحويل القومية الفارسية إلى قومية معترف بها في العراق تطالب بحقوقها الدستورية ، ولقد وضعت فقرات في الدستور العراقي تتطابق منع هذه الأهداف.
وقد اقترحت إيران على هامش المؤتمر بند يتحدّث عن دمج الميليشيات في أجهزة الجيش والشرطة ،ومنح العفو لتلك المجموعات التي لم تتعاون مع الإرهابيين، وذلك بعد تسليمهم لأسلحتهم، ولعلنا نستذكر هنا أيضا تصريحات الرئيس الإيراني foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?ي نجاد بتاريخ 27-11-2006, أمام حشد من "الحرس الثوري" من أنّ "الأمة الإيرانية باستطاعتها تخليص أمريكا من المستنقع العراقي بشرط الانسحاب، وعندها فإن أمم المنطقة بقيادة الأمة الإيرانية مستعدة لإظهار طريق الخلاص" ! ،
و ما ذكره أيضًا بتاريخ 28-8-2007 عن استعداد إيران لملئ الفراغ الذي سينتج عن انسحاب أمريكا من العراق، وهي نفس نظرية الاستعمار التي حاربت استقلال الشعوب واستعبدتها واستغلت ثرواتها لخدمة مصالحها الذاتية، ومصالح شعوبها القومية ،حيث أن هدف إيران الرئيسي من هكذا اقتراح هو ابتلاع العراق، وتحقيق طموحاتها الإقليمية من خلال استغلال ثرواته في تصدير ثورتها الطائفية لدول الجوار العراقي بعد الانسحاب الأميركي، واستنزاف المقاومة العراقية في نضالها ضد الاحتلال الأمريكي ومحاصرتها ومن ثم ضربها والإجهاز عليها وبعد أن نجحت بتشويه سمعتها في المنطقة السنية، ومحاصرتها واجتثاثها في المنطقة الشيعية .
وطبعاً هذا لم يتم لهم ما لم يكن هناك غطاء ديني من داخل العراق متمثل ب(السستاني) الذي وفر للطرفين (الاحتلال الامريكي والايراني) الغطاء الشرعي والشعبي من خلال مواقفه السلبية والمشبوبهة خلال كل المراحل التي مرت بالعراق خلال الفترة الماضية ومن خلاله تضليله للشارع العراقي على انه يتبنى المواقف المعتدله تجاه قضايا البلد في حين انها عبارة عن مواقف خيانة وغدر وخديعة للعراقيين دون ان يشعروا بذلك ودون ان يستهلك كلمة واحدة من عنده !!!
دمج المليشيات بأوامر إيرانية ولأهداف إستراتيجية!
إن الحكومة العراقية حين رفضت الاقتراح الإيراني في اسطنبول كان رفضها مجرّد إجراء شكلي يتعارض مع ما تم تكريسه على أرض الواقع، حيث أصدر رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي بعد المؤتمر بفترة قصيرة وبضعط إيراني قرارا بدمج 81 ألفا من أعضاء المليشيات التابعة للأحزاب الممولة من إيران في العراق بالمؤسسة العسكرية، وتم تمرير اللعبة على الجانب الأمريكي بحكم أن تلك الميليشيات المعفي عنها والتي تم دمجها في الجيش والشرطة لم تتعاون مع تنظيم القاعدة، وفي المقابل توجيه صفعة للمقاومة الوطنية العراقية التي تعتبر امتداد للجيش العراقي الوطني السابق، بحجة قتال قوات التحالف والحكومة العراقية وتقاطع نشاطاتها في مكان ما مع أهداف تنظيم القاعدة ، علمًا بأنّ كثيرًا من أعضاء الميليشيات التي تم استيعابها في الجيش دون مستوى التحصيل العلمي، والتأهيل العسكري، والدراسة في الكليات العسكرية ،وفقًا لما ذكره الخبير العراقي الفريق "توفيق الياسري" الذي قال: "إنّ من شأن ذلك أن يحول الجيش إلى كيان ضعيف وغير عسكري، ويُخضع المؤسسة العسكرية إلى ولاء الأحزاب والكيانات التي يتبع لها أفراد الميليشيات"..... و لأن عودة الجيش العراقي لحاضنته العربية سوف يقف سدا منيعا في وجه طموحات إيران التوسعية بالمنطقة....
إن إيران حققت أهدافا في العراق أكثر من تلك التي حققتها في لبنان، فمشروعها الطائفي تحقق في لبنان من خلال ميليشيا حزب الله فحسب الذي يمارس دوره كمقاومة عسكرية، ويمتلك مشروعا سياسيا ينتمي للأمة الفارسية، ولا يعترف بوحدة الأمة العربية ،وهوية الشعب اللبناني ولكنها في العراق استطاعت أن ترسخ نفوذها من خلال الميليشيات إيرانية الولاء التي أصبحت اليوم الجيش الرسمي للجمهورية العراقية، والذي أصبح الغطاء العراقي للأحزاب التي تأتمر بأوامر إيرانية لاحتلال آبار النفط العراقية وتحويل المدن العراقية إلى إقطاعية لنظام ولاية الفقيه .