وفي القلب شيءٌ من السعادة
تَوحدت الأحزَانُ وَاقتحَمَ الهَجْرُ
وَأذهلني فِي حُبِّهَا الكسْرُ والجَبْرُ
تَحَصَّنَ في كفَّيَّ غُصْنٌ مُثقـَّلٌ
وَقدْ أيْنَعَتْ فِيهِ الهَوَاجِسُ وَالفِكْرُ
وَسَاهَمْتُ مِنْ عُمْري لِسَعدٍ يُطِلّ بي
فكانَ مَخَاضًا كُلـّه ذلِك العُمْرُ
مَسُوغٌ وفي أشلايَ للجُرحِ بَاقةٌ
عَنيدٌ عَلى رُغم النّوازِفِ أفْترُّ
كمَقْبَرَة الكفّارِ شَكلُ اندِهَاشتِي
ففِي بَسْمَتِي رَوْضٌ وفي كبِدِي جَمْرُ
وَليْسَ غَريبًا أنَّ حُزنِي ألفتُهُ
فَعِندِي مِن الخَيْبَاتِ أوْسِمَةٌ كثرُ
عَلى قَدرِ مَا اسْتحليْتَ مِنْ رَائِعِ المُنَى
تَذَكّرْ، سَيَأتِي بَعدَهَا مِثلـَهَا مُـرُّ
مَضَتْ كمُضِيّ السَّهْم غَادَرَ قوْسَهُ
فيَطفَقُ بَعدَ الهَجْر يَرتجِفُ الوَتْرُ
وإني لحَمّالٌ أسَايَ وإنّما
لكَ الشّكرُ يا نَابَ الزَّمَانِ لكَ الشّكرُ
فأنفذُ طَعنٍ منكَ مَا ليْسَ نَافذًا
فمَا أمَلا تُعطِي سِوى حَاصِلٍ تَذرُو
أنِخْنَ، فيَا صُلعَ الهُمُوم تنَاثرَتْ
مَفَاتيحُ أقفَالٍ يُمَنّعُهَا الأزْرُ
ضَنَنْتُ بخِلٍّ كانَ بِالدِّفْءِ دَوْحَةً
لِوَكْرِ دَفِيءٍ بَيْنَ أضْلاعِهِ وَكْرُ
عَليْهَا بِقلبي لا عَلى القلبِ خِيفتِي
فعُدنَ فإنَّ الرَّوْضَ مِنْ بَعدِها قَفرُ
يُعَانِق أحلامِي عَلى السّهْو طيفُها
فيَختَطِفُ الأحلامَ مِنْ طيْفِهَا الهَجْرُ
عَلى عَادَة الأوْجَاع يَصْدُقُ وَعدُهَا
وَتكذِبُ تَحتَ الرُّوحِ أشبَاحُهَا البُصْرُ
مَللتُ حُرُوبَ الصَّبْرِ بيني وَبَيْنَه
نَوًى غِيلَ مِنْ صَبْرٍ وَوَاتِرُهُ صَبْرُ
فَدَوَّى انْفِجَارُ الحُزْنِ في قَاعِ مُهْجَتِي
وَطَالَ بَيَاضَ العَيْنِ ألسِنَةٌ حُمْرُ
أرَوِّضُ صَمْتِي فِي الفَرَاغِ تَأوُّهًا
فَيَهْزَأُ يَا مَثنَى السُّهَادِ مَتى الوِتْرُ
وَأحثو عَلى قُرصِ المَغِيبِ مَدَامِعِي
وَبي زَفْرَةٌ عَجْلى فَيَنْتَبِهُ الفَجْرُ
تُشَاركُنِي الأشْيَاءُ حُبِّي وَرُبَّمَا
بِوَجْهِ الذي أشتَاقُ يَبْتسِمُ الجَدرُ
تَذَكَّرتُ مِنْ طَيْفِ الحَبيبَةِ حُسْنَهَا
وَأوَّلَ حُبِّ كَانَ يُورِقُهُ سَطرُ
وَألقَيْتُ مِنْ سِحرِ المَشَاعِرِ أحرُفِي
فألقتْ عَصَا طرفَيْنِ فَانْقَلبَ السِّحرُ
وَأضْحَكُ مِن ذِكرَى الطُّفُولةِ عِنْدَمَا
تُكَايدُنِي بِالـ"ـكُشّ " أنْمُلهَا العَشْرُ
وَليسَ بِفَرزَاتْشِي الذي يَحتفِي بِهَا
يُعَطّرنِي خَدرًا فَبَسْمَتُهَا العِطرُ
وَلَسْتُ بِبَكّاءٍ عَلى مَا أفُوتُهُ
وَلكنَّ دَمْعِي باليَرَاعَة يَجْتَرُّ
فَأثْمَنُ مِنْ وَجْهِي المُثمّنِ مَاؤُهُ
وَمِنْ دُونِ مَحمِيَّاتِ وَجْهِي دَمٌ هَدْرُ
وَلسْتُ بِمَقطُوعِ النَّظِيرِ قَصَائدًا
وَلسْتُ إلى غَيْرِ المَبَرَّةِ أُضْطَرُّ
وَإنِّي لهَيَّابُ الرِّجَال فَعِندَهُمْ
مِنْ الشَّأوِ مَا عِنْدي وَعِنْدِي لهُمْ قَدْرُ
وَفِي صُحبَةِ الأخيَارِ للقلبِ غَيمَةٌ
وَأنَّ أزَاهِيرَ الحُرُوفِ لهَا بِشْرُ
وَأعلمُ أنَّ الحُبَّ طِفلٌ مُدَللٌ
إذا شَنَّفَ الأسْمَاعَ بالسَّاحِرَاتِ امْرُو
وَأعْلمُ أنَّ القَلبَ فِيهِ سَعَادَةٌ
إذَا بَقِيَتْ فِيهِ المَوَدّةُ وَالشِّعرُ
وَمَا تَحتَ هَتْنَانِ انْهِمَارِ ضِيَائِكُمْ
سِوَى خَطَرَاتِ المُدهَشِين: مَنِ البَدْرُ؟
أجيرُ عَليكُمْ يَا رِفَاقُ وِدَادَكُمْ
وَأمَّا عَلى بَعْضٍ أُجِيرُ فَلا أَجْرُو
__________________
18/01/2010