يوجد في القرآن الكريم كنوز ضخمة من اللطائف والإيحاءات مما أعجز الخلق جميعاً عن الإتيان ولو بمثلأقصر سورة ولا يستطيع استنباط هذه الكنوز والمعاني إلا من وفقه الله ومنَّ عليهبفضل منه ،
فكل حرف في كتاب ربنا وُضِِعَ في موضعه للدلالة على معنى أراده اللهتعالى ولا يُمكن أن يُؤدى المعنى بغيره وكذا كل كلمة ، ومن ذلك كلمة – زوج – بعل – امرأة .
فالقرآن يعبر عن الرجل بالزوج أحياناً وبالبعل أحياناً أخرى وعن المرأةبالزوج في مواضع وبالمرأة في مواضع أخرى ، فما السر في ذلك ؟
أقول وباللهالتوفيق ، لأن معنى - الزوج – يقوم على الاقتران القائم على التماثل والاتفاقوالانسجام التام ، فالزوج فرد انضم إليه مماثل له من جنسه ، ولذا تستعمل للرجلوللمرأة ولذلك لا يُطلق القرآن كلمة – زوج – ( على الرجل والمرأة إلا إذا كانتالحياة الزوجية متفقة ومستقرة ) ومن ذلك قوله تعالى : { والذين يقولون ربنا هب لنامن أزواجنا وذرياتنا قرة أعين } أما إذا حدث خلل في الحياة الزوجية فإن القرآن يطلقعلى كل منهما – بعل ، وامرأة ومن ذلك :
1) عند الاختلاف في الدين مثل – امرأةنوح – امرأة لوط – امرأة فرعون – ولم يقل ( زوج نوح ، زوج لوط ، زوج فرعون ) .
2) عند حدوث نزاع أو خلافات في الحياة الزوجية قال تعالى : { وإن امرأة خافتمن بعلها نشوزاً أو إعراضا } .
3) عند عدم الإنجاب ، ومن دقة التعبير القرآنيأن امرأة زكريا عليه السلام تُسمى ( امرأة ) في كل المواضع ، قال تعالى على لسانزكريا : { وامرأتي عاقر } وقال : { وكانت امرأتي عاقرا } إلا في موضع واحد سميت زوجعندما ولدت ( يحيى ) في قوله تعالى : { فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه }
ومن هنا ندرك السر في التعبير في قوله تعالى : { ولا يبدينَ زينتهنَّ إلالبعولتهن } ولماذا لم يقل لأزواجهن ؟ لأن البعل أعم ، فالزوج لا تُطلق إلا في حالالاتفاق والانسجام فلو قال الحق ( ولا يبدين زينتهنَّ إلا لأزواجهنَّ ) لقلنا بأنالمرأة وقت الخلافات الزوجية أو عدم الإنجاب لا تُظهر زينتها لزوجها ، فآثر القرآنالتعبير بالبعولة ليفيد بأن المرأة تبدي زينتها لبعلها في جميع الحالات سواءً أكانهناك اتفاق أم اختلاف في الحياة الزوجية .
وهذا سر من أسرار التعبير القرآني .