من هم التركمان؟
تشير الوثائق التاريخية إلى أن الحضور التركماني الحقيقي في العراق، الذي دونه التاريخ، يعود إلى أوائل الفتح العربي الإسلامي. أن معظم أفراد الجيش الإسلامي بقيادة (عبيد الله بن زياد) عام (54هـ) الذي فتح تركستان، كانوا من المحاربين العراقيين، الذين استقروا هناك وتزاوجوا مع التركستانيين. ولم يكتف العراقيون بالاستقرار والتزاوج مع الترك أو التركمان بل انهم بعثوا بالمقاتلين التركمان ليستقروا بدورهم في العراق. يقول الطبري في كتابه الشهير (تاريخ الأمم والملوك ): ((إن عبيد الله بن زياد قام في شهر ربيع الأول سنة 54 هـ (673 م) بهجماته عبر (جيحون) على (بخاري) ثم على (بيكند) فقاومه الجيش التركي تحت إمرة الملكة (قبج خاتون) مقاومة شديدة جدا، جلبت انتباهه وإعجابه لما لمسه فيهم من شجاعة فائقة وحسن استعمال الأسلحة، فاختار منهم ألفي مقاتل يحسنون الرماية بالنشاب فبعثهم إلى العراق وأسكنهم البصرة)). (ص 221 ـ ج 4)، أشار إليه الكاتب العراقي سليم مطر في كتابة القيم جدل الهويات. يلاحظ أن هناك خلطا غير متعمد في كتب التاريخ، بين التركمان وبين الأتراك، فعند وجوب الإشارة إلى التركمان يذكر المؤرخون الأتراك وبالعكس. فأن الذين أستقدمهم عبيد الله بن زياد كانوا من التركمان، الذين انصهروا مع العراقيين واستعربوا مثل الآلاف المؤلفة من المهاجرين من مختلف البلدان التي طالها الفتح العربي الإسلامي.
وخلال اقل من قرن، تنامى الوجود التركماني في العراق بحيث أصبحوا جزءا من الجيش الأموي المقيم. وقد بلغ الحضور التركماني والتركي ذروته في العصر العباسي عندما بدأ الضعف ينتشر بين القبائل العربية المهيمنة وفقدانها لروحها البدوية المحاربة بعد استقرارها في العراق وتمتعها بحياة الخصب والرفاهية. وقد وجد القادة العباسيون في الترك والتركمان البديل المطلوب لاحتفاظهم بروحهم الرعوية المحاربة ولشجاعتهم وبسالتهم في سوح القتال، وخصوصا في مواجهة خطر الجماعات الرعوية الأوربية القادمة باسم الحروب الصليبية..
تحياتــــــــــــــــــــــي