الصيام سنة سار عليها الأولين قبل الآخرين، فمنذ بزوغ فجر الحياة الأول تعاقبت الرسالات السماوية التي بشر بها الأنبياء والرسل على تشريع الأحكام في الفروض والواجبات ومن زمان إلى آخر ومن هذه الفروض التي شرعت فرض الصيام وكما قال تعالى في محكم كتابه الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
ولكن اختلف هذا الفرض من شريعة إلى أخرى وذلك حسب متطلبات الزمان والمكان.
إذن فرض الصيام يمثل إلى تلك الرسالات ومنها الرسالة المحمدية الكثير، لما فيه من صلاح وتهذيب للنفس، وتطبيعها على الصبر وتحمل الصعب من الحياة، وكذلك من نتاجات الصيام إحساس الفرد بالكل والكل بالفرد ذلك لان الصائمون من طبقات واللوان مختلفة.
وعن الإمام الرضا(ع) في خطبة لرسول الله(ص) قبال شهر رمضان قال فيها:
أيها الناس انه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة ، شهر هو عند الله أفضل الشهور وأيامه أفضل الأيام ولياليه أفضل الليالي وساعاته أفضل الساعات، هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله وجعلتم فيه من أهل كرامة الله، أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاءكم فيه مستجاب.
إذا فهمنا كل هذا الثواب وكل هذا العطاء في هذا الشهر المبارك سوف نفهم انه ليس شهر كباقي الشهور، وان انتهاك حرمة هذا الشهر هو أمر مرفوض تحت مختلف الذرائع.
ولان الباري عز وجل يريد أن يختبر العبد حتى يثبت مدى عبوديته للخالص جل شأنه، وأيضا يريد منه أن يتحمل ويذوب في ذاته، وان يستفاد العبد من هذا الدرس وهذه التجربة في حياته اليومية، فإذا ما صام العبد وتحمل الحر والعطش والجوع واستطاع أن يسيطر على حواسه وجوارحه وشهواته، فإنه مهيأ إلى تحمل كل ظروف الحياة وخاصة الصعبة منها، لأنه أصبح مهيأ وذا تجربة، وأصبح درس رمضان يعني له الكثير، فإذا فهمنا هذا سوف نفهم السر في تشريع الصيام.
-----------------------------