قال تعالى{وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ }الحجر87- فما هو القرآن العظيم؟وقبل ألإجابة عن هذا السؤال نود التذكير بما أشرنا إليه في الفصل الذي تكلمنا فيه عن لفظ ؛القرآن؛وما توضح لدينا في فصل "القرآن الكريم"وهوأن لفظ "القرآن"يطلق على آلاية الواحدة وعلى الأكثر من آية وهو يطلق على مجموعة من السور وليس ألأمر محصورا على الكتاب ككل.ثم –نقول عصمنا الله وإياكم من الزلل- أن القرآن العظيم هو آية الكرسي وهي قوله تعالى {اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ }البقرة255 - أما الأدلة على كون آية الكرسي هي القرآن العظيم فهي :
أولا:إن آية الكرسي هي أعظم آية في كتاب الله عز وجل،وقد أكد رسول الله "ص"والأئمة المعصومين"ع"على ضرورة تعلم هذه آلاية وحفظها وذكرها باستمرار و((أعظم)) هي صيغة مبالغة في العظمة وقد ذكر الشيخ أبو الفتوح في تفسيره عن محمد بن جعفر الصادق (عليه السلام) عن الباقر (عليه السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : (( قال لنا رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) لما أنزلت أية الكرسي : لا تقرأ هذه الآية في بيت إلا ويحوم الشيطان حوله ثلاثة أيام – إلى إن ذكر ثلاثين يوماً – ولا يعمل فيه السحر أربعين يوماً ، يا علي تعلم هذه الآية وعلمها أولادك وجيرانك . فانه لم ينزل علي أعظم من هذه )) . فهي بحسب هذه الحديث أعظم ما نزل على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وأعظم ما في القرآن . كما ورد في الخصال في وصية أبي ذر أنه سئل النبي (صلى الله عليه واله وسلم): (( أي آية انزلها الله عليك أعظم ؟ قال (صلى الله عليه واله وسلم) :آية الكرسي )) وهو كسابقه في الدلالة الواضحة على إن أية الكرسي أعظم ما في القرآن .
ثانياً : بما إن أية الكرسي هي أعظم آية نزلت في كتاب الله ، فأن الله تقدست آلاءه فضلها على التوراة والإنجيل والزبور وجميع ما أنزل سبحانه من الكتب السماوية الاخرى حيث ورد في مستدرك الوسائل ج1 : سئل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) القرآن أفضل أم التوراة ؟ فقال (صلى الله عليه واله وسلم) : إن في القرآن أية هي أفضل من جميع كتب الله وهي أية الكرسي )) .
ثالثاً : مما يجدر ذكره في مقام الاستدلال هنا قول صاحب الميزان في تفسير : (( تسمية هذه الآية بآية الكرسي مما قد اشتهرت في صدر الإسلام حتى في زمان حياة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) حتى في لسانه كما تفيد الروايات المنقوله عنه (صلى الله عليه واله وسلم) وعن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وعن الصحابة . وليس إلا للأعتناء التام بها وتعظيم أمرها وليس إلا لشرافة ما تدل عليه من المعنى ورقته المطلقة التي يرجع اليه جميع الاسماء الحسنى ما عدا أسماء الذات على ما مر بيانه . وتفصيل جريان القيومية فهو من مادق وجل من الموجودات من صدرها إلى ذيلها ببيان إن ما خرج منها من السلطنة الإلهية فهو من حيث انه خارج منها داخل فيها . ولذلك ورد فيها أنها أعظم آية في كتاب الله . وهو كذلك من حيث اشتمالها على تفصيل البيان . فأن مثل قوله تعالى : (( الله لا اله إلا هو له الأسماء الحسنى ))طه8 . وان اشتمل على ما تشتمل عليه آية الكرسي غير أنها مشتملة على إهمال المعنى دون تفصيله ولذا ورد في بعض الإخبار : أن آية الكرسي سيدة آي القرآن : رواها في الدر المنثور عن أبي هريرة عن النبي (صلى اله عليه واله وسلم) ورد في بعضها : أن لكل شيء ذروة وذروة القرآن أية الكرسي : رواها العياشي في تفسيره عن عبد الله بن سنان عن الصادق (عليه السلام) ، الميزان المجلد الأول ص335 .
رابعاً : إن العرب – الذين نزل القرآن بلسانهم – يسمون الشيء بآخره وكما هو معلوم إن أخر أية الكرسي هو قوله : (( وهو العلي العظيم)) وان عظيم القوم سيدهم ، فالعظمة هي قرينة للسيادة . فقد جاء في مستدرك الوسائل ج1 : (( إن جماعة من الصحابة كانوا جالسين في مسجد النبي (صلى الله عليه واله وسلم)ويذكرون فضائل القرآن وان أي أية أفضل فيه قال بعظهم آخر (براءة) قال بعضهم آخر (بني اسرائيل) وقال بعضهم (كهيعص) وقال بعضهم (طه) قال امير المؤمنين (عليه السلام) اين انتم من اية الكرسي ؟ فأني سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يقول : ( يا علي آدم سيد البشر وانا سيد العرب ولا فخر وسلمان سيد فارس وصهيب سيد الروم وبلال سيد الحبشة وطور سيناء سيد الجبال والسدرة سيد الاشجار والشهر الحرام سيد الشهور والجمعة سيد الأيام والقرآن سيد الكلام . وسورة البقرة سيد القرآن وأية الكرسي سيد سور البقرة فيها خمسون كلمة في كل كلمة بركة )) .
خامساً : إن هذه الآية – أية الكرسي – هي الوحيدة التي انفردت بأحتواءها على ثمانية عشر اسماً من اسماء الله ، بدات بذكر لفظ الجلالة اولاً ثم نفت عنه الشريك واثبت له الحياة والقيومية . ثم نفت عنه الاعراض كالسفه والنوم ثم النسبة ما في السموات وما في الأرض له ثم سألت عمن يشفع عنده إلا بإذنه ثم قررت علمه بما بين أيديهم وما خلفهم واثبتت عجزهم عن الاحاطة بشيء من علمه الا بما شاء ثم اعترفت بأن كرسيه قد وسع السموات والارض ورغم ذلك فلا يؤده حفظهما وختمت بأنه هو العلي العظيم .
سادساً : إن لأية الكرسي آثاراً تكوينية عظيمة الفائدة وهي ذروة القرآن كما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) : (( إن لكل شيء ذروة وذروة القرآن آية الكرسي )) وان فوائدها كثيرة فهي للدنيا والآخرة ولا يمكننا إحصائها في هذا المقام فهي تستخدم للحفظ من الجن والسحر والأمن عند الخوف وللشفاء والرزق ولكل مكروه . وغير ذلك كثير فقد ذكرت الروايات المنصوصة عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) والأئمة المعصومين(عليهم السلام) الكثير منها واليك بعضها : ورد في مستدرك الوسائل ج1 عن أبي مسعود قال : (( قال رجل يا رسول الله علمني شيئاً ينفعني الله به . قال (صلى الله عليه واله وسلم) : اقرأ أية الكرسي فأنه ينفعك وذريتك ، ويحفظ دارك وحتى الدويرات التي حول دارك )) وعن الإمام الباقر (عليه السلام) قال : (( من قرأ أية الكرسي صرف الله عنه إلف مكروه من مكروه الدنيا وألف مكروه من مكروه الآخرة . أيسر مكروه الدنيا الفقر، وأيسر مكروه الآخرة عذاب القبر )) ومن أراد المزيد فليراجع كتب الأذكار والأدعية من المطولات فان فيها مزيد بيان .
سابعاً : إن أية الكرسي حاوية على اسم الله الأعظم كما ورد ذلك في العديد من الروايات المروية عن أهل بيت العصمة (عليهم السلام) والتي منها ما ورد في بحار الأنوار ج90 في ترجمة foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/?foraten.net/? بن محمد بن علي الحربي بإسناده عن أسماء بنت زيد قالت : (( قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين : الله لا اله إلا هو الحي القيوم ، وألهكم اله واحد )) وجاء في بحار الأنوار ج90 أيضا عن عمر بن توبة عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه قال لبعض أصحابه : (( إلا أعلمك اسم الله الأعظم فقال (ع) :أقرأ الحمد وقل هو الله احد وآية الكرسي وإنا أنزلناه ثم أستقبل القبلة فادع بما أحببت )) . وإذا عرفنا إن أية الكرسي فيها اسم الله الأعظم فلا غرابة إذا كانت هي القرآن العظيم .
ثامناً : إن علة تسمية هذه الآية بأية الكرسي كونها أعطيت لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) من كنز تحت العرش وان لهذه الآية لساناً وشفتين يقدس (( الملك لله )) عن ساق العرش ، فأن علة تسميتها تعود للكرسي والكرسي يدل على العظمة . ورد في بحار الأنوار ج19 عن القاسم عن عبد الرحمن بن صدر عن أبي إمامة الباهلي انه سمع علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول : (( ما أرى رجلاً أدرك عقله الإسلام دوله في الإسلام يبيت ليلة سوادها – قلت : وما سوادها يا أبا إمامة ؟قال جميعاً – حتى يقرأ هذه الآية (( الله لا اله إلا هو الحي القيوم )) فقرأ الآية إلى قوله (( ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم )) ثم قال فلو تعلمون ما هي – أو قال ما فيها – لما تركتموها على حال . إن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) اخبرني قال : (( أعطيت أية الكرسي من كنز تحت العرش ولم يؤتها من كان قبلي )) قال علي 0عليه السلام) فما بت ليلة قط منذ سمعتها من رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) حتى قرأها .....)) . وفي مجمع البيان ج1 : ذكر في كتاب الترغيب بإسناد متصل عن أُبي بن كعب قال : (( قال رسول الله 0صلى الله عليه واله وسلم) يا أبا المنذر أي آية في كتاب الله أعظم ؟ قلت : (( الله لا اله ألا هو الحي القيوم )) قال : فضرب في صدري ثم قال :ليهنك ، والذي نفس محمد بيده إن لهذه الآية للسان وشفتين يقدس (( الملك لله )) عن ساق العرش )) .
نقلا عن الموسوعه القرئانيه للسيد ابو عبد الله الحسين القحطاني