سنن الأنبياء في المهدي
ولد الانبياء وعاشوا وماتوا وهم يصبون ويتطلعون الى ذلك اليوم الذي تنعم فيه البشرية بالسعادة والامن والصلاح ذلك اليوم الذي كان هدفهم الاسمى في سيرهم نحو مرضاة الله عزوجل ذلك ((اليوم الموعود)) الذي ظل املاً تنتظره البشرية جيلاً بعد جيل حتى تعاقبت الاجيال ووصل الامر الى زماننا هذا حيث عم الفساد وانتشر الظلم في كل مكان فلم يبقى من القرآن الا رسمه ومن الاسلام الا اسمه كما قال الرسول الكريم (ص)نقلاً عن حفيده الصادق(ع) والتي جاء فيها ((سيأتي زمان على امتي لايبقى من القرآن الا رسمه ، ولا من الاسلام الا اسمه يسمون به ابعد الناس منه مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء منهم خرجت الفتنة واليهم تعود ) بحار الانوار ج52. لذا فان جميع الانبياء ينتظرون رؤية هذا اليوم الذي مهدوا له واعدوا له فهم ينتظرون ظهور ذلك المصلح والمنقذ ذلك القائد الهاشمي الامام المهدي ثاني عشر الاوصياء خاتم النبي محمد(ص) الذي سيكون ممثلاً لكل الانبياء في ذلك اليوم والذي يجري عليه سنن الانبياء عليهم السلام في غيبته واثناء قيامه وهذا ماصرحت به الروايات الواردة عن الائمة الاطهار عليهم السلام فعن سدير عن ابي عبد الله(ع) قال :( ان للقائم منا غيبة يطول امدها ، فقلت له : يا بان رسول الله ولم ذلك ؟ قال (ع) لان الله عزوجل ابى إلا ان تجري فيه سنن الانبياء في غيباتهم وانه لابد له ياسدير من استيفاء مدد غيباتهم قال الله تعالى((ليركبن طبقاً عن طبق)) اي من كان قبلكم ) بحار الانوار ج52. فمن هذه الرواية الشريفة وغيرها الكثير من الروايات يتبين لنا ان الامام المهدي (ع) سنن من الانبياء وانه (ع) سوف تجري عليه سنن الانبياء عليهم السلام ، وعن الامام الباقر(ع) قال : (في صاحب هذا الامر اربع سنن من اربعة انبياء سنة من موسى وسنة من عيسى وسنة من يوسف وسنة من محمد(ص) فاما من موسى فخالف يترقب واما من يوسف فالسجن واما من عيسى فيقال له انه مات ولم يمت واما من محمد فالسيف ) اكمال الدين ص152. وعن ابي بصير قال : سمعت ابا جعفر الباقر(ع) يقول :( في صاحب هذا الامر اربع سنن من اربعة انبياء سنة من موسى ، وسنة من عيسى ، وسنة من يوسف ، وسنة من محمد صلوات الله عليهم اجمعين ، فقلت : ما سنة موسى؟ قال : خائف يترقب ، قلت : وما سنة عيسى؟ فقال: يقال فيه ما قيل في عيسى ، قلت : فما سنة يوسف ؟ قال: السجن والغيبة ، قلت وما سنة محمد(ص)؟ : قال: اذا قام سار بسيرة رسول الله(ص) الا انه يبين اثار محمد ويضع السيف على عاتقه ثمانية اشهر هرجاً ومرجاً حتى يرضي الله ، قلت : فكيف يعلم رضا الله؟ قال : يلقي الله في قلبه الرحمة ) غيبة النعماني ص164.
وعن محمد بن مسلم الثقفي الطحان قال : دخلت على ابي جعفر بن عل الباقر(ع) وانا اريد ان اساله عن القائم من آل محمد ، فقال لي مبتدئاً ( يا محمد بن مسلم ان في القائم من اهل بيت محمد(ص) سنة من الرسل من يونس بن متى ويوسف بن يعقوب وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم ) الاكمال ص318 - وعن زين العابدين (ع) قال ( في القائم سنة من ادم وسنة من نوح وسنة من ابراهيم وسنة من موسى وسنة من عيسى، وسنة من ايوب ، وسنة من محمد صلوات الله عليهم اجمعين فاما من ادم ونوح فطول العمر واما من ابراهيم فخفاء الولادة ، واعتزال الناس واما من موسى فالخوف والغيبة واما من عيسى فاختلاف الناس فيه واما من ايوب فالفرج بعد البلوى ، واما من محمد(ص) فالخروج بالسيف) الاكمال ص314. وعن الامام الحسين(ع) قال:( في القائم منا سنن من الانبياء سنة من نوح وسنة من ابراهيم وسنة من موسى وسنة من عيسى وسنة من ايوب وسنة من محمد صلوات الله عليهم..) الوافي ج2 ص102. فمن هذه الروايات الشريفة الواردة عن الائمة المعصومين صلوات الله عليهم اجمعين يظهر لنا واضحاً ان للامام المهدي(ع) سنن من الانبياء عليهم السلام وان الامام (ع) يمر في حال غيبته واثناء ظهور دعوته وخروجه بعدة مراحل يشابه فيها بعض الانبياء عليهم السلام بل انه يكون ممثلاً للانبياء عليهم السلام في تلك الحقبة الزمنية او ذلك الحدث وتلك الظروف فالامام المهدي عليه السلام ينتقل وعبر مراحل غيبته واثناء ظهور دعوته الى ان يصل الوقت الى قيامه بعدة ادوار لعدة انبياء حتى يصل الدور عند قيامه ليكون ممثلاً لجده رسول الله(ص) حيث ان الامام (ع) يكون في الظاهر عند قيامه المهدي(ع) وفي الباطن محمد(ص) حيث يكون ممثلاً انذاك لرسول الله(ص) وبذلك نعرف اجماع الروايات على ان سنة المهدي من جده رسول الله (ص) هي القيام بالسيف فان الدور يكون متشابهاً ومتفقاً فكما قام . رسول الله(ص) بالسيف سيقوم المهدي(ع) كذلك بالسيف ثم ان دور الرسول (ص) ياتي عندما تتهيأ الفرصة للامام المهدي (ع) بالقيام واعلان الثورة . واعلم عزيزي القارئ انه في نفس الوقت الذي يمر به الامام (ع) عبر عدة مراحل يكون قائماً فيها مقام الانبياء ويكون ممثلاً لهم كذلك بالنسبة لهذه الامة حيث تمر بعده مراحل وادوار ففي نفس الوقت الذي تجري فيه سنة ادم (ع) على الامام (ع) فان الامة تمر بنفس المرحلة التي مر بها قوم ادم(ع) وعندما تجري على المهدي(ع) سنة ابراهيم(ع) فان الامة يكون حالها انذاك حال قوم ابراهيم (ع) وعندما يكون الامام(ع) ممثلاً لجده المصطفى(ص) وتجري سنته عليه تعيش الامة الاسلامية مرحلة الجاهلية الثانية وعبادة الاصنام ولكنها هذه المرة اصنام بشرية اذن فانه كما واجه محمد(ص) اؤلئك القوم بالسيف يواجه المهدي امته بالسيف باحقاق الحق ونشر المحمدية البيضاء والاسلام الجديد في كل انحاء العالم وهذا المعنى يظهر واضحاً في الروايات الواردة عن الائمة الاطهار(ع) فعن الرسول(ص) قال:( لتركبن سنة من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة ولاتخطؤن طريقتهم شبراً بشبر وذراعاً بذراع وباعاً بباع حتى ان لو كان من قبلكم دخل جحر ضبُ لدخلتموه . قالوا: اليهود والنصارى تعني يارسول الله ؟ قال(ص) : فمن اعني لينقض عرى الاسلام عروة عروة فيكون اول ماتنقضون من دينكم الامامة واخره الصلاة ) تفسير القمي ج2ص413. ويظهر واضحا من هذا الحديث الشريف ان ما يجري في الامم السابقة يجري في امة محمد(ص) من اهم الامور واخطرها الى ادق التفاصيل واقلها وكل ما قامت به الامم من تكذيب انبيائهم وقتلهم اياهم سيجري في هذه الامة من دون اختلاف.