دون شك أن لسعادة صورة صادمة لأنه يأتي من خلفية لا تؤمن بالمحظورات بشكل مطلق، ويستخدم سياسة "إستفزاز فكر المشاهد" بشكل يصل الى قسوة الصفعة على الوجه.
المرأة في أعماله المصورة دائماً متفجرة الأنوثة، جريئة، متمردة، وثائرة، وهي رمز لفكرة أو شيء ما، فهي في "كليب منى عينه" لنوال الزغبي مثلاً ترمز للأرض أو للطبيعة الأم، وفي كليب شذى حسون "وعد عرقوب" هي رمز لدول العالم المستضعفة والتي تقع ضحية وعود "القوى العسكرية العظمى" بتحقيق الحرية، والرفاهية، والتقدم الإجتماعي، فتكون النتيجة في الواقع، نهب للثروات، يرافقه التشريد والفوضى، والمزيد من الفقر، وإنعدام الأمان.
يحيى سعادة يقول في هذا العمل إن الحرية لا تأتي من الخارج، ولا تفرض بقوة السلاح، وإنما تأتي من الداخل عندما تتخذ أنت القرار بأن تكون حراً.
كما يحاول إيصال فكرة مهمة بأن الحرية لا تتأتى من خلال علاقة "غير متكافئة" يرمز لها هنا بشكل مبسط بعلاقة اللاجئة الضعيفة المشردة، المقيمة في مخيم للاجئين، مع الجندي المدجج بالسلاح، الذي يمتلك مفاتيح بلدها.
هذه القوة العظمى أتت بوعود رنانة لكن الواقع كان مغايراً، وهو بالنسبة ليحيى سعادة "وعد عرقوب" أو بمعنى آخر "الوعد الكاذب" الذي لم يصدق لا في العراق ولا في أفغانستان، أو أي بلد آخر في أميركا الجنوبية أو أفريقيا تلاعبت به القوى العظمى.
المشاهد العادي سيرى فتاة عربية مثيرة على سرير في غرفة نوم مع جندي غريب، والسرير في الواقع ليس سرير غرام في غرفة مغلقة، وإنما هو سرير لاجئة في مخيم، ويكتشف المتابع ذلك في نهاية الكليب عندما تبتعد الصورة فيظهر السرير على متن شاحنة عسكرية، عكس ما يوحي به المشهد في البداية.
المشاهد العادي سيرى أيضاً إمرأة تقوم بحركات قد تفسر على أنها مثيرة، لكنها في الواقع حوارية إيمائية، بين ميزاني قوى غير متكافئين:
الدول الغنية ولكن الضعيفة عسكرياً أو بتعبير آخر دول العالم الثالث (يرمز لها بالمرأة فهي جميلة ومغرية ولكنها ضعيفة في نفس الوقت) وهي مطمح للدول العظمى (ويرمز لها بالجندي الذي يعبر عن القوة العسكرية).
ويوضح يحيا الرفض لتواجد القوى العظمى وكل ما يمثلها على أرضها بالمشهد الذي تقوم به المرأة بدفع الجندي بعيداً عنها، وتغلق دونه البوابة الحديدية الضخمة المدعمة بالأسلاك الشائكة بالسلاسل الحديدية، محررة نفسها من فكرة الإحتلال.
أما من كان يبحث عن الأحذية متوقعاً أن الشعب الثائر سيلقيها على المحتل الذي يلوذ بالفرار، ربما يلمحها إن أمعن النظر في المشهد الأخير أو "الجنريك" بشكل ضبابي، لأن يحيى سعادة يهدف من أعماله تحفيز المشاهد على إكتشاف تفصيل جديد مع كل مرة يشاهد فيها العمل، ولا يضع كل شيء أمامه مرة واحدة.