الخواطر مياه جوفيه ........ بهذه العبارة اكون قد أعطيت للقارىء شكل دقيق عن الخاطرة . بقي ان نعرف ماهو مصدرها ؟ وما هي المواد التي تتركب منها ؟ وكيف نستخرجها .
أن مصدر الخاطرة هو العقل من دون شك ، فهذا الكيان القائم على اساس التساهم والتاصر مع كل ما يحيطه هو المنبع الاساسي لها . للعقل البشري وجهين كما نعرف ، فالاول ظاهر يمكنك من التعاملات اليومية مع ما تحتاجه ، ويظهر هذا جليا في بيعنا وشراءنا وكلامنا اليومي مع الاصدقاء والاهل ، وقد تتعامل بواسطة العقل حتى مع الاشياء المنفرة والقبيحة بأسلوب عدم التقبل والرفض ، فهذه الاشياء وأن حاولنا ابعادها ورفضها الا انها تسجل على انها تفاعل تحت أسم عدم التقبل .
أما الوجه الثاني وهو العقل الباطن ، وهذا الكيان الكبير الذي لانشعر به والذي يظهر في بعض الحالات الاستثنائية ، والذي يقوم بأعمال كبيرة خصصت لها المدارس والمعاهد والبحوث لدراستها ومعرفة جوانبها وكيفية الاستفادة منها ، فأعمال السحر والسيطرة وتحريك الاشياء كلها تجري بواسطة هذا الوجه من العقل . وقد أستفادت بعض الدول من هذا المجال في الاعمال المخابراتية وكشف المعلومات ولو بشكل بسيط ولكن مهم بالنسبة لهذه الاجهزة .
من هذه المقدمة البسيطة يمكننا أن نحدد ولو بشكل بسيط وربما فاقد للادلة في بعض ما اشرت ، أن المواد المكونة للخاطرة واللبنات الاساسية فيها هي مجموعة من الافكار العالقة أو المندرسة في ثنايا وخبايا العقل البشري العميق ، فالكبت والخجل والخوف مولد ضخم لهذه الافكار التي لاتخرج بصورة بسيطة وكما اشرنا في البداية من خلال العقل الظاهر ، فنتكلم في بعض الاحيان عن حالة ما ونستخدم أسلوب الخداع والتمويه على ما نقصد أو نضمر ، ولكن يبقى تشخيصنا لهذه الحالة عالق في عقولنا منتظرة زوبعة تقتلع هذه الافكار التي تتقولب في الدماغ حتى تأكذ شكل تضاريسه . في بعض الاحيان وعند بعض الناس وخصوصا الشباب نرى أو نسمع منهم هذي وكلام مبهم وأسماء أشخاص لانعرفهم أثناء النوم ، وبعضهم يقوم بحركات لا ارادية ، وكلها ومن خلال هذا الشرح البسيط يمكن أن نقول أنها صادرة من العقل الباطن ، وخرجت في أول فرصة ضعف للعقل الظاهر أثناء النوم أو في حالة تناول المشروبات الروحية .
أما المواد التي تتركب منها الخاطرة فهي كما أشرت في البداية – حسب أعتقادي – مجموعة الافكار العالقة في الدماغ نتيجة الكبت أو الخوف أو الخجل ، على أن هذه الافكار ستخرج بنوعين أو بشكلين . الشكل الاول بصورة كلام غير مفهوم ومبهم ويفتقر للتنظيم ، أذا هو هلوسة نراها فارغة ولكن هي من المؤكد تحمل نقاط حمراء في عقل هذا الانسان وذاك ، ففي حالة التكلم أثناء النوم لانسمع المتكلم يتحدث بنظرية علمية أو ابيات تامة من الشعر أي هو كلام خال من التنظيم وعشوائي ويفتقد للابداع .
أما الشكل الثاني فهو أساس هذا الموضوع أي ( الخاطرة ) . فالخاطرة كلام خارج من دهاليز العقل ولكن بشكل منظم وفيه لمسات الابداع واضحة جلية ، طبعا والكتابة هي حالة تفريغ لهذه الكلمات التي أخفيناها لسنين خوفا او كبتا او خجلا . الحبيبة والحبيب والعشق بصورة عامة وتصور الاشياء على مستوى كتابة الخاطرة ، هي جميعها قوالب تصب فيها هذه الكلمات ، فنبدع بصورة المعشوق وطنا كان أم حبيب أو طقس بل في بعض الاحيان حتى الحيوانات تصبح قالبا للخاطرة .
أما أستخراج الخاطرة فهو ليس بالشيء الهين ، فالكلمات حتى تخرج نظيفة لطيفة مشذبة الاطراف يجب تخريشها ودغدغتها بأن نستقبل المواقف المؤلمة أو المفرحة بصفاء وتعقل حتى نحول هذه الحالات الى أداة دافعة لبقايا الكلام الذي طمرناه خوفا أو خجلا . فبدل الصراخ أو الضحك بصوت عال ، نستخدم القلم لكي يكون قناة تنزل عبرها الافكار بروية تامة محزنها أو مفرحها