الشعائر الحسينية واياد علاوي في اللعبة الانتخابية
تقليديا ، تحتج الاحزاب الحاكمة بمنجزاتها اثناء وجودها في السلطة ، امام الناخب ، للتجديد لها لدورة لاحقة ، لا ان تعتمد اسلوب التشهير والتسقيط لمواجهة خصومها السياسيين .
ومن واجب حكومتنا واحزابها الحاكمة ان تقود المبادرة الى خلق وتعزيز هذه التقاليد والممارسات الديمقراطية ، في تجربة فتية لم تترسخ جذورها ، ان لم يكن بدافع الواجب الاخلاقي الوطني فبدافع ادراك انها ستكون حتما في صفوف المعارضة يوما ما ، في نظام سياسي تعددي تداولي للسلطة ، وان السيف الذي تسلطه على رقاب المعارضة اليوم سيرتد على نحرها في الغد .
وللاسف ، تعمل قوى السلطة ، واذرعها الحزبية ، وتوابعها الاجتماعية على الاحتيال باعتماد الشكليات الديمقراطية للتشبث بالسلطة ، و اختزال العملية السياسية الديمقراطية بالانتخابات الخالية من شروطها الموضوعية . ومن تلك الشروط المفقودة ، عدم وجود احصاء سكاني عام ، وعدم وجود قانون انتخاب متوازن ، وعدم وجود قانون للاحزاب . وبانعدام تلك القوانين والشروط اللازمة ، وعدم وجود تقاليد راسخة في العمل السياسي فان قوى السلطة التي جاءت الى الحكم من خلال عملية سياسية قاصرة لن تجد مايردعها من الانقلاب على جوهر الديمقراطية والمسارات المفترضة للعملية السياسية ، للبقاء في الحكم باي ثمن كان .
ان احد اساليب الاحزاب الحاكمة ، مع انعدام قدرة الحكومة على الالتزام في تنفيذ برنامج عملها السياسي الذي قدمته للمواطن ، وفقدانها لمصداقيتها امامه ، هو طرح اسلوب تسقيط قوى المعارضة الوطنية كبرنامج انتخابي لها في الدورة الحكومية القادمة .
وفي الحقيقة ، يفتقر هذا الاسلوب الى ادنى المقومات الاخلاقية وينحط الى درجة تتقاطع مع الدور الرعوي للدولة ، الذي ائتمنت الحكومة عليه ، في الوقوف على مسافة واحدة من مواطنيها ، بل والزمت به .
ويتصاعد هذا المنهج لقوى السلطة مع انعدام وجود المؤسسات الضابطة لسلوكها ، بسبب نظام المحاصصة السياسية . وبذلك فان قوى التغيير لاتجد نفسها في مواجهة احزاب السلطة باساليبها اللامسؤولة حسب ، بل ازاء دولة بكل امكاناتها المالية والامنية والاعلامية واللوجستية ، مما يحتم الاستعانة بالمنظمة الدولية والولايات المتحدة والمجتمع الدولي لمنع الانقلاب الممنهج على العملية الديمقراطية واعادة انتاج نظام ديكتاتوري يهدد الامن والسلام الاقليمي والعالمي .
ان استهداف مشروع الدولة المدنية القائمة على مبدأ المواطنة يستلزم بالضرورة استهداف قوى المشروع الوطني وفي مقدمتها القائمة العراقية الوطنية بقيادة الدكتور اياد علاوي رئيس الوزراء العراقي الاسبق .
وتتعرض هذه القائمة ورئيسها لحملات من التشهير والتسقيط تظهرها كمقابل وحيد في الاستهداف الاعلامي والسياسي لقوى المشروع الطائفي التقسيمي .
ومع النجاحات التي تحققها العراقية الوطنية ، كبوتقة لاحتواء وصهر وتفعيل القوى والشخصيات العراقية المؤمنة بالعراق الموحد الديمقراطي للخروج من مأزق الطائفية المتخلف ، تعيد احزاب السلطة تسويق خطابها التحريضي كعنصر أ وحد في برنامجها الانتخابي للمرحلة القادمة .
يتمحور هذا الخطاب اساسا حول مفهومي ( البعث ) و ( الدين ) في اتهامات ترقى الى مستوى الجريمة . واذا صارت تهمة البعث هي المعادل الموضوعي للمواطنة في الفكر الطائفي الشوفيني ، وان هذه المعادلة المهزوزة والابتزازية اصبحت مكشوفة ومستهلكة لدى الراي العام ، فاننا بصدد تناول موقف القائمة العراقية الوطنية كخيمة لاحتواء اهم قوى ورموز مشروع الدولة المدنية ومنها الحركة الوطنية العراقية ورئيسها الدكتور اياد علاوي ، من قضية الدين .
يقوم الفكر الليبرالي الذي تتبناه مكونات القائمة العراقية على مبدا الحرية الفردية وفي مقدمتها حرية المعتقد والدين والراي والتعبير وهي حريات جوهرية اساسية غير قابلة للتصرف لاي سبب كان . بمعنى ان الحرية الدينية كمعتقد او كشعائر او طقوس هي حقوق اصيلة لاترتبط بنوع او طبيعة النظام السياسي . كما ان الشعائر الدينية ومنها الشعائر الحسينية لاتتعارض مع نظام ديمقراطي تم اقراره من قبل شعب من ضمنه ممارسي هذه الشعائر وروادها .
واذا كان دعاة الدولة المدنية يقولون بالفصل بين الدين والدولة فانهم لايدعون الى منع تدخل الدين في شؤون الدولة حسب ، بل في المقابل يدعون الى منع تدخل الدولة في شؤون الدين ايضا ، ليؤدي كل منهما دوره على اتم وجه . ولحسن الاداء ، فالنظم الديمقراطية لاتفصل بين الدين والدولة فقط وانما تلجأ الى الفصل بين سلطات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية .
ان القائمة العراقية الوطنية ورئيسها الدكتور اياد علاوي يشعران ويعبران عن الاحترام والتقدير لكل الاديان والمذاهب والطوائف والمرجعيات الدينية ويؤمنان بالحريات الدينية وحق الممارسات والطقوس والشعائر المرتبطة بها ومنها الشعائر الحسينية الشريفة .وهما يريان ان الاديان تشكل مناهل روحية وثقافية وعوامل استقرار وتوازن اخلاقي لازم لمجتمعنا المتدين بطبعه . كما ان الدكتور علاوي يدرك ويقدر الدور الخطير الذي لعبته المرجعيات الدينية في درء الفتنة الطائفية وتمتين اللحمة الوطنية ، ومنها مرجعية السيد السيستاني الذي يحرص الدكتور علاوي التواصل والتشاور والاستماع الى ارائه السديدة في الشان العام .
ان ما تشيعه بعض الاطراف المعروفة من دعايات رخيصة من ان الدكتور اياد علاوي اذا ماتصدى لرئاسة الوزراء في الحكومة القادمة فانه سيقوم بمنع الشعائر الحسينية ، بقدر مايعبر عن افلاس تلك القوى جماهيريا بعد انكشاف فسادها فانه يجانب الحقيقة لجهة ان علاوي ينتمي الى المنظومة الفكرية والثقافية التي تؤمن بالحريات الدينية ، كما ان الدستور العراقي يضمن ويحمي حرية الاديان والشعائر الدينية والحسينية ويمنع أي تشريع يمس بالحريات العامة ومنها حرية الاديان ، اضافة الى ان زمن المواجهة مع الشعب قد ولى ، فهي مواجهة خاسرة ، وهذا ماتدركه القائمة العراقية الوطنية ، وينبغي على المتقولين الخروج من دائرتها