بين شموخ القصب وأصوات الفناجين وأنين وتقاليد ومجالس امتد عمرها عشرات السنين في منطقه ريفيه من جنوب العراق تضع زوجة الفلاح ولدها وتفارق الحياة وحين يبلغ وليدها السابعة يجمع الله بينها وبين زوجها في عالم الآخرة ليبقى خالد وحيدا تطوف حوله ذئاب الحنين ومخالب البرد ووهان أليل في زمان أكتظ بوحشيته يقف خالد ويصارع ويكمل مرحلته الأولى لينتقل إلى المدينة ويباشر مرحلته الثانوية وهنا كانت المرحلة أكثر صعوبة فهو يحتاج إلى عمل ليستطيع أن يوفر لنفسه متطلبات الدراسة ويعمل صبيا لجزار شديد التعامل مرير اللهجة وذات يوم أستأذن خالد الجزار لينصرف قبل انتهاء موعد العمل لانه كان على موعد مع امتحانه الفصلي الأول فأبى أن يأذن له وصرخ بوجهه ثم صمت قليلا وقرر أن يضع خالد بين خيارين العمل أو الامتحان ولم يتردد خالد بترك العمل رغم حاجته ومرت أيام لاتخلو من الألم على خالد حتى وجد عمل أخر في مقهى كان روادها أللأدباء والمثقفين وصاحب المقهى رجل يحترم الثقافة وتعامله على عكس تعامل الجزار تماما كان يأمر خالد بالانصراف قبل انتهاء العمل ليتسنى له تهيأة نفسه والذهاب إلى مدرسته وكان يحثه على التفوق وإكمال دراسته فتوارد سؤال في ذهن خالد كان بوده أن يسأله إلى صاحب المقهى وسمحت له الفرصة بان يسأله فقال ياعم أنت تحثني أن أكمل دراستي فهل لي أن اعرف لماذا لم تكمل دراستك أنت فبتسم صاحب المقهى وقال بني خالد إنا حاصل على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية فضرب خالد رأسه وقال هل يعقل ذالك..؟ وبعد مرور عام على عمل خالد مرض صاحب المقهى واشتد مرضه فأجلسه عند رأسه واخذ يقول ولدي خالد أن الله لم يهدني والد ولكنك أصبحت والدي فأمانتي هي ابنتي الوحيدة هنا اصبحت مهمة خالد الثانية أصعب من ألأوله ومرت ستة أشهر على رحيل صاحب المقهى محمله بالدموع والجروح والذكريات التي ختلطة أخيرا تعرف الابتسامة طريقها إلى شفتي خالد بولادة مولود يتفتح كل صباح كزهور القرنفل يصبح تارة سلاح وأخرى قلم يمتد نهر ليسقي ما ذبل في داخل خالد ينسج من عبيره خيوط كخيوط الشمس يحلق به فوق السحاب ويرحل به عبر بوابات البحار ذالك هو الحب تعلق خالد في أبنت صاحب المقهى وحبها حبا أبجدي وكانت هي الحبيبة التي تحمل في داخلها الحب والوفاء تخرج خالد وحصل على معدل يؤهله إلى أكثر من كليه فاجلس مع حبيبته واعلمها بتخرجه فحلقت كطير النورس تعلن عن قدوم قارب يحمل لهما حياة سعيدة ثم سألته أين من الكليات ستختار قال كلية يسترجع فيها حق المغصوبين ويدافع فيها عن المظلومين فعرفت أنها كلية القانون ويكمل خالد كليته ليصبح قاضي ويقف إمام قضية مذهب مابين..........وبين..........؟ وكان كلاهم جلادين وبعد أن ينطق بالحكم العادل ويأمر بمعاقبة الاثنين تمر بعض الأيام ويصدر حكم عزله عن القضاء تحت ذريعة انه لم يكن عادل ولاحيادي ويرجع إلى حبيبته محني الظهر شاحب الوجه ينقل خطواته بصعوبة يتعثر بجروحه ويفتح المقهى ليعمل بهاء ويحتاج إلى من يساعده فعمد إليه صبيا ليعمل معه وكان هذا الصبي فوضوي لايهتم بدروسه ويكتشف خالد بعد حين أن الصبي هو ولد لذالك الجزار ويعرف أن أباه توفي بسبب إسرافه في الخمر ويتاء النساء وقد أضاع أمواله في ملذاته ويكتشف أيضا أن الصبي يسرق النقود من المقهى فيقوم بطرده ويرحل الصبي إلى بلاد مجاوره وبعد مرور كم سنه يتزوج خالد من حبيبته هيفاء ولم يكن يعلم إن تلك الزمر لم تكتفي بعزله عن القضاء بل اغتالت رصاصاتهم الغادرة حبيبته في ليلة زفافه عند اذ أحسه خالد انه لأرغبه له في الحياة فلا جدوا من عمر تراكمه به هموم لتترك ورائها حنين إلى المجهول وأمل إلقاء بالبعيد وزمان يغتال الشواطئ ويهجر النوارس وينهلا ليل ليذبح الشموع
ولم يكن هذا كل شي بل لفقوا لخالد قضية ليفق بها أمام القضاء وعندما رحلوه إلى المحكمة وجد خالد لافته في باب غرفت القاضي كتب فيها القاضي فلان ابن الشهيد المجاهد فلان وحينما دخل الغرفة رأى القاضي هو ابن ذالك الجزار.
كريم السفاح