عم تبحث يا هذا، عم تفتش، أنا لم أسرق ألعاب الجيران، أنا لم آكل حلوى أختي، هم أحبابي، هم أصحابي، هم فرحي، هم لحمي، ودمي، إني عراقي.. هم صاروا مثلي بيوتهم بلا أبواب، وجدرانهم بلا سقوف، لم أكسر الأبواب، ولا مصابيح الشوارع، ولا واجهات المحلات، أنظر في يدي.. بقايا تراب وحجارة منارة مسجدنا، فيها عبقنا، وأنفاسنا، بقايا من ذكريات مسجدنا، هل وجدت الحجارة؟ لن تجدها، للتو اكتشفت أن جيبي أيضاً مشقوق، دعني أعود ببعض ترابها، أشتهي أن أشمه شمَّة، وأضمُّه ضمَّة، فيه عبق المصلين، وعطر الصائمين، سأبنيها من جديد، قوية كقلوب الساجدين، في شموخ سبابة الموحدين.
أنا لا أعلم لِمَ ترحل أمي، ولِمَ يترككم أبي تهدموا بيتي، أبي لمحته نائماً في الزقاق المجاور لبيتنا، متوسداً مدفعه، ملتحفاً بتراب المنارة، لأبي هيبته، لم أستطع إيقاظه، أبي الأسد في عرينه، لكني أعجب من الذباب، يداعب جرحه، بل يدخل في فمه، ومنخاره، والعجيب أن أبي لم يكن في فراشة، لم ينم على الرصيف؟!.. وقد كان يرحم المشردين متوسدي الأرصفة، ويشفق على حالهم.
هيه أنت..!! في جيبي الثاني بقايا حلوى، أهدانيها أبي في العيد، لا تأخذها..!. لن يرضى أبي... أبي أسد. هو علمني ذلك..؟. فتش طويلا. دعني.. أتأمل لم أنتم كثر حولي أسمعتم وصف أبي لي؟.. شبل أسد. أترى ما يحمل صاحبك؟.. هذا ما وعدني به أبي, هدية العيد المقبل..
هيه أنت..!! لا تفسده طهره فهذا من ورثي الموعود.
هيا عجل أنفاسك تخنقني ماذا أكلت؟ أم ماذا شربت!؟
هيا ابتعدوا.. قبل نهوض أبي، إن أبي جد غضوب، ها أنا أخبركم أبي قبضته حديد، ورميته تصيب، أبي لا يخاف الجنود، أبي يلعق دمه وجرحه بابتسام، ويمصه فيبصقه، ويقول هذا لجنود المحتل
وامي كانت مثل ابي مغوراة فيها اباء الاجداد ’امي لن تتعب يوما من اخواني ولا من بنات الجيران,امي رحمة كلها عطف ترخي بجناحيها على اصدقائي وتنام حين تطمئن على نوم الجيران ,امي رونقة الدنيا تبرق مثل الشمس ايام الصحوى,امي لا يمكن ان تتعب امي ملاك امي هبة الله ,امي حتى الذي اطعنها في قبها ترحمه,امي حتى الذين سرقوا البسمة من ثغرها تضحكهم