أتمنى أن تتحملوا ثقالتي
مما أعجبني .........
إلى ابنتي العزيزة
سيدتي
نعلم أنّ هناك أشياءَ كثيرةً نحبّها، نعشقها لأنها تبدو لنا وفقَ حاجتنا بصورة جميلة، صورةٍ تفي بما نطلب أو نحتاج،
وكثيراً ما يكون ظاهر هذه الأشياء صادقاً كما يبدو هو، وفي جوهره أيضاً. كذلك،
فإنّ منها ما يتراءى لنا بصورة جميلة ويكون في جوهره على عكس ذلك.
والأمر سيان في مقابل ذلك، إذ إنّ هناك أشياء تبدو لنا قبيحة وغير مقبولة ولا تفي برغباتنا أو بما نطلب،
منها ما يكون صحيحاً في صورته الخارجية وفي جوهره، ومنها ما يكون جوهره مختلفاً كليّاً عن صورته الخارجية.
لأنّنا في بعض الأحيان نفتقد إلى الرؤية الصحيحة في لحظات التحديق أو في لحظة اتخاذ القرار أو نقطة الانطلاق.
أيتها الرائعة
إنّ الحبّ لهو الصورة الأكثر جمالاً على الإطلاق، وهو رابط رئيس بين عناصر هذا الكون بحلوها ومرّها.
أحياناً يتطلب من المرء أن يبكي ويتألم ويدفع ثمناً باهظاً ليحافظ على هذا الحب ويصونه.
لكن، ما هو هذا "الحب" الغريب؟
هل يفي دائماً باحتياجاتنا وما نطلبه؟
هل يستطيع الواحد منّا أن يحصل على كل شيء لمجرّد أن يتغلغلَ الحبّ في كلّ جوارحه ويتسرّبَ إلى تفاصيلها؟
هل يمنح الحب تلك السعادة التي يرنو إليها المحبّون؟
الحب يا سيدتي نصفان؛ أولٌ يمنح السعادة، وآخر يفيض بالألم،
وإنّ النصفين متداخلان، فتارةً ينجلي الأول ليأخذ الثاني دوره وهكذا.
والحب يا سيدتي ليس لقاءً يأتي بالصدفة،
لأنه مشروع كبيرٌ جداً ومسافة طويلة تحتاج إلى طاولة مستديرة يجلس عليها الشريكان ليبوحا بكل شيء،
حتى تلك التفاصيل الصغيرة المتعلقة بلون الوردة المناسب التي يحملها أحدهما في كلّ أو أيّ مناسبة.
وهو دفتر كبير جداً يكتب عليه الشريكان دستوراً لهما يقيّد سلوكهما ليحافظا على تلك الشراكة الرائعة التي هي الحب.
وهو مزيج من الأضاد؛ بُعدٌ ولقاء، عذابٌ وراحة، سهدٌ وحلم، دمعةٌ وابتسامة،
أدهمٌ كالليل وواضح كالنهار، معكّر وصفيّ، عليلٌ وصحيح ...
قيل: هو الود، التسامح، المعذرة، التقبّل، العفو، التراحم، الحنو، الرأفة، التقرّب، الصبر...
وقيل أيضاً: هو العذاب، الدموع، الألم، الفراق ...
وهو برغم كل ذلك، كمثل فراشة، خفيف جداً، وناعم كالنسيم، وصفوه الندى، يدخل القلب ليراقصه،
ويُلبس الوجهَ ابتسامة حلوة.
تغنّى به الشعراء والكتّاب والروائيون، وأنشده المغنّون،
وجعلوه عنواناً يدل على جوهر هو نفسه يحتل النصيب الأوفر فيه.
لكنه، بالتأكيد، يبقى نقيضاً للكره، عدوّاً لدوداً له، فاعل به كمثل الحقّ يفعل بالباطل،
وكمثل الشمس تفعل بالظلمة،
هو دائماً وأبداً صاحب الحضور الأوفر في كل ميدان.
والحب، كذلك، أنواع؛ حبّ الصغير للحلوى وللعب، وحب الأم لمولودها،
وحب الأخ لأخيه، وحب الجنسين لبعضهما، وكل ذلك حبٌّ فُطرنا عليه،
نعزّزه بالاكتساب، منه ما نحافظ عليه فينمو، ومنه ما نهمله فيذوب تماماً.
ولكلّ حب قاعدة، تُرسم فيها الخطوات السليمة لتحقيقه، وأولاها سلامة الذات من الشر،
وثانيها سلامة المجتمع، وبهما تكتمل سلامة الدين،
وباكتمال سلامة الدين نكون قد استحوذنا الحبّ كله، حيث فيه تكمن السعادة المنشودة.
ابنتي العزيزة
إن من يستحق أن نفرد له حبّنا الأول، هو الله تعالى، نطرق بابه من كتابه، وندخل إليه بعقولنا وقلوبنا وأرواحنا.
فإذا أحببنا الله حقّاً، فإنه تعالى سيحبّنا. ومن يحببه اللهُ، يمتلك -بالتأكيد- مفاتيح السعادة كلّها.
فلنحبَّ الله.
*********
نعم الأب والمربي الفاضل ليجعل من ابنته في المستقبل
أما لديها أخلاق السيدة الزهراء (عليها السلام)
وشجاعة السيدة زينب (عليها السلام)
وايمان أهل البيت بحبهم وعشقهم لله سبحانه وتعالى.



