وعندما دخلت السجن ، لاحظت أنهم يعاملونني معاملة خاصة ، فالمكان معزول ، والأكل دون بقية السجناء ، ويدخل علي أطباء وضباط .. امتلأ قلبي الخوف .. هل أنا مريض؟ .. هل أنا مصاب بالإيدز؟ .. رفضت كل شيء يأتيني حتى قالوا لي : إنك مصاب بالملاريا ، وحالتك ليست بخطيرة .. اطمأنت نفسي ، وخضعت للعلاج ، وبعد شهر شفيت بحمد الله .
خرجت من السجن ، لكني لم أتب .. فسدت أخلاقي .. وهجرني الناس
فما الناس بالناس الذين عرفتهم ولا الدار بالدار التي كنت أعهد
صرت أبيع أثاث البيت للحصول على الهيروين .. ثم تعلمت السرقة فكنت أفتش ملابس أمي وآخذ منها النقود .. وأسرق الذهب والنقود من البيت .. وإذا لم أجد شيئاً أتسلل في الليل إلى بيوت الجيران ، وأسرق أسطوانات الغاز لأبيعها وأحصل على الجرعة .
وفي أحد الأيام رفض والدي أعطائي النقود ، فرفعت عليه السكين وهددته حتى أعطاني المبلغ .
ثم عدت إلى باكستان مع ثلاثة من الشباب .. وفي أحد الأيام تعاطينا الهيروين ، ثم خرجنا نمشي في أحد الشوارع إلى أحد المروجين ، وكان على جانب الطريق حفرة مجاري عميقة .. وبينما نحن نمشي وقع أحد الشباب في المجاري ، فتجمع الناس علينا ، وقالوا : صاحبكم وقع في المجاري . قلنا : ما ندري . قالوا : كم كان عددكم؟ قلنا : أربعة . قالوا : أنتم الآن ثلاثة ؟ فانتبهنا وقلنا : نعم ناقص فلان . حاول الناس إنقاذ صاحبنا ، لكن المجاري كانت عميقة فغرق صاحبنا فيها ومات .
وبعد عودتي إلى البلد ، قبض علي وأنا في عملي ، وحكم علي بالسجن سنة كاملة ، وفصلت من العمل .
خرجت من السجن بعد أن تعرفت على أحد المروجين فكنت أروج معه الهيروين .
وفي آخر أيامي انفتح لوالدي باب السفر والعلاج .. فقرر على أن يسافر بي إلى السعودية للعلاج .. لم أكن مقتنعاً ، لكنه هددني بالطرد من البيت فوافقت .
سافرت أنا ووالدي إلى الدمام ، ودخلت مستشفى الأمل .. وفي بداية العلاج أصابتني أعراض انسحابية شديدة ، بسبب إدماني المتواصل خلال التسعة أشهر الماضية .. تحملت وصبرت عشرة أيام أو أسبوعين ، ثم شعرت بالراحة ، أحسست في الحقيقة أني إنسان .
اقتنعت بالعلاج .. واتصلت على أهلي وقلت لهم : إن تحت سريري كمية من الهيروين كنت أريد أن أبيعها إذا رجعت من السعودية .. خذوها وأتلفوها.
ولكن .. لم تنته قصتي مع المخدرات .. فقد وقعت الانتكاسة !!
بعد فترة من العلاج ، كنت أخرج مع بعض الشباب في الدمام فأوقعوني في تعاطي الهيروين .. ثم اكتشف المستشفى أني أتعاطا الهيروين .. فمنعوني من الخروج .
وتحطمت نفسي ، قلت : ما عاد فيه أمل .. لا أمل في العلاج .. قضى الله علي أن أكون مدمناً .. دعوني أرجع إلى بلادي .
وفي هذه اللحظات العصيبة جاء الفرج من الله .. التقيت ببعض الشباب الصالحين في المستشفي وفي المسجد .. ودعوني إلى الاستقامة ، وشجعوني وأعانوني حتى أقلعت تماماً عن المخدرات .. وذهبت معهم إلى العمرة ، وكان لهذه الرحلة أثر كبير على نفسي .. ثم أديت فريضة الحج .
لقد فرح والدي وأهلي باستقامتي فرحاً شديداً ، وقالوا : لا ترجع من السعودية ما دمت على هذه الحال .
وبهذا انتهت قصة الشابين .. وبقي أن تعرفوا أيها الأحبة أن هذين الشابين بعد أن من الله عليهما بالهداية تفرغا لطلب العلم وحفظ القرآن في الرياض .. كنت أدعوهما إلى زيارتي ، فلم يجدا وقتاً للزيارة إلا يوم الخميس ، بسبب برنامجهما اليومي الجاد وارتباطهما بالمشايخ ، فنسأل الله لنا ولهما الثبات والتوفيق .
وصلِّ اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .