تســــاؤلات قلبي..

عبد الرحمن أبوشندي


أتيتُ إليك وكلِّي رجاء =وفي القلبِ دمعٌ يجرُّ الشقاء

وبين شجوني سؤالٌ عميقٌ =يمزِّق فكري إذا الليلُ جاء

فمن ذا أكون بهذي الحياةِ =وما الموتُ قلِّي وما الانتهاء

وحيدٌ بأرضي برغم الزحامِ =أسيرٌ برغم رحاب الفضاء

بئيسٌ وحولي دواعي السرورِ =حزينٌ برغم انتشارِ الضياء

لماذا تحطَّم مني الضلوع =ويختالُ بؤسي بثوبِ الشقاء

لماذا بعيني تجول الدموع =وأكتم فيها شعور العناء

هل القلبُ مني علاه السقامُ =أم النفسُ تهفو لقربِ الفناء

ومن ذا أكونُ بهذي الحياةِ =وما الناس حولي وما الانتماء

وما العمرُ إن ضاع بين السحابِ =وما الحبُّ فيهِ وما الاحتواء

وما اليأسُ إن كان دهرًا وكانت =خطاهُ تغوصُ بعمقِ الدماء

أجبني فقلبي علاهُ نحيبٌ =وذقتُ رواءً صنـــوف البلاء

فمن ذا أكون بهذي الحياةِ =إذا كنتُ أجهلُ معنى الهناء

أُقلِّب فكري لعلَّ الجواب =يكون بعقلي ولُبِّي خـــواء

ولستُ أحارُ لما يعتريني =ولكن أُجنُّ . . فذا أيُّ داء ؟

وهل إن عرفتُ الحياة أعيشُ= وأحيا وينجعُ سحرُ الدواء ؟

وإن ما فهمتُ أكون غريبًا =ومثلي ومثلَ الجماد سواء ؟

وإن أسبل الصمتُ فوقي حجابًا =صرعتُ وضاعت فروض الشفاء ؟

أجبني . . فعقلي يُذرُّ رمادًا =وأنَّاتُ عمقي حواها الشتاء

فمن ذا أكون بهذي الحياةِ =وحولي قفارٌ وجدبٌ وماء

تعبتُ من السير منذ البداء =وأعلم أن هناك انتهاء

وقد لا أريدُ الممات لأني =أخافُ العذاب وربَّ السماء

ولكن إلهي . . فؤادي يحار= ودمعي من القهرِ صاغ النداء

أُحسُ ببغضٍ لكلِ الحياةِ =وبغضي يُزَيَّن بالاحتفاء

يقولون عني بأني ملاكٌ =وقلبٌ رقيقٌ وعمرٌ مُضاء

يقولون أني بقلبِ الكثيرِ =أعيشُ ويلقون منِّي السناء

يقولون أني التماعة حبٍّ =وضحكاتُ قلبي تهزُّ الفضاء

وفرحي وسعدي يضمُّ الجميع= بفيضِ حنانٍ وبغضِ جفاء

وما يعلمُ الناسُ عني ولكن =شعوري ينافي شعور الوفاء

وما في ضميري سوادٌ وبؤسٌ =ولكن يظنون فيَّ الصفاء

فمن لي بوهجِ شهابٍ كليلٍ =لعلَّ الظلام بعمقي يُضاء

أُحسُ بأني سأقضي وأني =قضيتُ الحياة بدون ارتقاء

فأبكي لأني سأشتاق يومًا =لأوقاتِ ذكرٍ وطيبِ دعاء

ولكنَّ قلبي . . وآهٍ . . بقلبي =صنوفٌ من الحزنِ والانزواء

لماذا . . واسألُ كيف النجاة =وآهٍ . . وماذا يُفيدُ البكاء

دموعٌ تسطرُ عني مقالي =ونفسي تُنازع ترجو البقاء

وآلام عقلي تدمِّر رأسي =وتنشب فيهِ بسمِّ العداء

وإني أُحسُ بروحي تداعتْ =وحان الوداعُ قبيل اللقاء

فمن ذا أكون بهذي الحياةِ =إذا كنتُ نقشًا بصفحةِ ماء