الحمد لله الذي رضي لنا الإسلام دينًا، وأنزل علينا القرآن هاديًا ونورًا مبينًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وكفى بربك هاديًا ومعينًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أدى الأمانة وبلغ الرسالة، فما أعظمه مبلغًا صادقًا وأمينًا، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد: فلعلكم كلكم تنتظرون مواصلة الحديث حول مواضيع أعمال القلوب، ألا فاعلموا أننا اضطررنا هذه المرة إلى أن نقطع هذه السلسلة المباركة، وذلكم للتحدث عن أمر عظيم وخطر جسيم، خطر يهدد كيان المسلمين، وطوفان عظيم ينبغي لكل غيور على هذا الدين أن يحترز منه، هذا الطوفان هو "التنصير والمنصرون" الذي يحلو لهم أن يسموه: التبشير والمبشرون!!
وكلنا يعلم علم اليقين أنه مهما اجتهد المبطلون، وتحالف الكافرون والمجرمون فإنهم لن يمسوا الإسلام بمثقال حبة من خردل من سوء، فما مثلهم إلا كمثل غلام رمى البحر بحجر.
كناطح صخرة يومًا ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
قال الله تعالى: يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوٰهِهِمْ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَـٰفِرُونَ * هُوَ ٱلَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدّينِ كُلّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ[الصف:8، 9].
ولكننا نخشى على المسلمين، إننا نخاف عليهم من الوقوع في حبائل الكائدين، لذلك علينا أن نسعى جاهدين للقيام بواجب الذب عن دين رب العالمين، وكما أننا مستيقنون أن الله هو الخالق ثم نسعى إلى التناسل، وكما أننا موقنون أن الله هو الرازق ثم نسعى إلى ابتغاء الرزق، كذلك علينا أن نسعى إلى نصرة دين الله ونحن موقنون أنه مظهره وناصره، لذلك قال تعالى بعد هاتين الآيتين اللتين تلوناهما عليكم: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَىٰ تِجَـٰرَةٍ تُنجِيكُم مّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَـٰهِدُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوٰلِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [الصف:10، 11]
لذلك ندعو اليوم قلب كل مؤمن غيور ننادي قلب كل من عرف الإسلام دينا وإقدامًا، وعملاً ورسالة، ولم يعرفه استسلامًا وجمودًا، وخوفًا وترددًا، إلى هذا القلب نقدم نُبذا عن التنصير في العالم بمعرفة وسائله وغايته.
فإننا سنسرد على مسامعكم عشرة وسائل يعتمدها المنصرون في دعوتهم ليكون كل منا على حذر:
1- إنهم يحاولون قدر إمكانهم إقناع المسلمين أن النصارى ليسوا أعداء لهم، قال القس "صمويل زويمر" في أحد مؤتمراتهم: "يجب إقناع المسلمين بأن النصارى ليسوا أعداء لهم"، فتراهم لأجل ذلك يبذلون جميع أموالهم لعقد مؤتمرات تقارب الأديان، وبذلك يُهدم صرح الإيمان الذي يقوم على أعمدة الولاء والبراء، قال تعالى: يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [المائدة:51]، وصدق الله حين قال: وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلاَ ٱلنَّصَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ ٱلَّذِي جَاءكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ [البقرة:120].
2- قديمًا كانوا لا يرسلون إلا القساوسة والطلبة المتفوقين منهم، أما اليوم فهم يركزون ويرتكزون على النصارى الجدد من العرب للقيام بالدعوة في أماكن العمل وخاصة في ميدان الطب والتعليم، قال القس "صمويل": "تبشير المسلمين يجب أن يكون بواسطة رسول منهم ومن صفوفهم".
3- إقامة عدة ندوات ودورات تعليمية للمتنصرين الجدد، لا لتعليمهم النصرانية فقط، بل لتعليمهم اللسان العربي لمعرفة نقط ضعفهم.
4- الحث على اختلاط المسلمين بالنصارى بالتشجيع على السفر إلى بلاد الكفر، ومن لم يسافر إليهم جاؤوه عن طريق "الدّش".
5- التركيز على المراسلات عبر المجلات، وهو ما يسمى بركن التعارف.
6- الاعتماد على الإعلام بجميع وسائله، فمنظمة التنصير تملك أكثر من 1500 محطة راديو وتلفزيون، وإحدى وعشرين ألف (21000) جريدة ومجلة مطبوعة على الورق الممتاز لجلب القراء، ولقد وزعت عام 1984م أربع وستون مليون نسخة إنجيل مجانًا، ولقد كشفت السلطات الجزائرية باخرة معبأة بالأناجيل ولم تقبل دخولها، فهذا الذي كشفته، فما بالك بما مر ولم توضع عليه يد المراقبة؟! ومؤخرًا ظهرت عدة قنوات إذاعية باللغة الأمازيغية تدعو بصراحة متناهية إلى التنصير.
7- انتشرت مؤخرًا في المدة الأخيرة الأشرطة السمعية والبصرية (الفيديو)، وذلك بمختلف اللغات واللهجات المحلية، بل وجدنا هذه الأشرطة في عدة مدارس وثانويات يتناقلها الشباب بينهم.
8- إعادة فتح الكنائس، وقد ذكرت الصحف الوطنية أنه قد دق الناقوس في ثلاث كنائس في القطر الجزائري.
9- تشجيع الحروب والفتن في البلدان الإسلامية لإضعافهم ولإثارة الاضطرابات في صفوفهم، إما بالسلاح أو بالفكر وذلك بإحياء النزعات القبلية، فقد نجحوا في إحياء العصبيات الفرعونية بمصر، والفينيقية بالشام، والآشورية بالعراق، والبربرية بالجزائر.
10- تحرير النسل بين شعوب الكنيسة وتحديده بين شعوب المسلمين.
11- تشجيع الأعمال الخيرية والإغراءات الصريحة، وذلك بمساعدة الفقراء المرضى وإيجاد فرص العمل لمن لجأ إليهم.
كل ذلك ـ عباد الله ـ من وسائلهم التي استطاعوا بها التغلغل في صفوف المسلمين، وأين المسلمون؟؟
أين أمة خالد بن الوليد وأبي عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف؟
إنهم في سكرتهم يعمهون، وأمام شاشات الكفار خاشعون، وفي الملاعب يصرخون، والصالحون منهم قليلون..
هذه هي غايتهم العمل على تنصير المسلمين، هكذا كانت في أول ظهور التنصير، أما اليوم فغايتهم ما ورد على لسان القس "صمويل زويمر" حيث قال في مؤتمر لهم: "مهمة التبشير التي ندبتكم إليها الدول المسيحية ليست تحويل المسلمين إلى المسيحية، فإن في هذا تكريمًا لهم، وإنما مهمتكم هي أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصير مخلوقًا لا صلة له بالله، وبالتالي لا صلة له بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها".
فحان الوقت ـ إخوتي الكرام ـ لأن نستيقظ من السكرة وننتبه من الغفلة، وسنوضح إن شاء الله الوسائل التي تقي المسلمين من هذا السرطان المميت، والطوفان المدمر.