بسم الله الرحمن الرحيم
إن استشعار عظمة الله تعالى وجلاله وملكه الذي لا تحيط به العقول وجبروته إن
ذلك شغل القلوب التي عرفت الله تعالى وأفردته العبادة والقصد إن القلوب إذا
استشعرت عظمة ملك الملوك ملكها الخوف منه تبارك وتعالى والخشية والرهبة .
هذه أخي المسلم وقفة أخرى في فلسفة المحاسبة وسؤال آخر ينبغي أن يسأله كل مسلم
لنفسه هل هو من الباكين من خشية الله دموع الخائفين أغلى دموع وبكاء المهلكين
أحلى بكاء وانين المنيبين أصدق أنين ونحيب الخاشعين أصدق نحيب خشية الله تعالى
ملكت قلوب العارفين واستحوذت على أفئدة الصادقين والبكاء من خشية الله تعالى
اصدق بكاء تردد في النفوس وأقوى مترجم عن القلوب الوجلة الخائفة ..
قال يزيد بن ميسرة رحمه الله البكاء من سبعة أشياء البكاء من الفرح والبكاء من
الحزن والفزع والرياء والوجع والشكر وبكاء من خشية الله تعالى فذلك الذي تطفئ
الدمعة منها أمثالا بحورا من النار.
أخي المسلم ما أحلى دموع الخشية إذا هملت من أعين الخائفين هناك تنزل الرحمات
وتكتب الحسنات وترفع الدرجات فهل حاسبت نفسك يوما أين أنت من تلك اللحظات؟؟
أين أنت من رجف الباكين؟؟
كم من دموع لغير الله أريقت وكم من بكاء لأجل شهوات النفس توالت قال عبد الله
بن عمر رضي الله عنهما لأن أدمع من خشية الله أحب إلى من أتصدق بألف دينار
فهنيئا لمن أسعفته الدمعات قبل يوم الحسرات هنيئا من تعجل البكاء قبل حسرات
يوم اللقاء فيا من شغلته الدنيا بغفلانها أنسيت أنك في مُلْكِ مَلِكِ الموت
أنسيت أنك في ملك من ليس كمثله شيء تبارك وتعالى تذكر الجبار في ملكه
والمتعالي في كبريائه تذكر من إليه رجعك ومن هو اقرب إليك من حبل الوريد تذكر
من إذا أراد أمرا قال له كن فيكون .
عن عبيد بن عمر رحمه الله أنه قال لعائشة رضي الله عنها أخبرينا بأعجب شيء
رأيتيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فسكتت ثم قالت لما كانت ليلة من
الليالي قال يا عائشة ذريني أتعبد الليلة لربي قلت والله إني أحب قربك وأحب ما
يسرك يا رسول الله قالت فقام تطهر ثم قام يصلي فلم يزل يبكي حتى بل حجره وكان
جالسا فلم يزل يبكي صلى الله عليه وسلم حتى بل لحيته ثم بكى حتى بل الأرض
فجاء بلال يؤذنه للصلاة فلما رآه يبكي
قال يا رسول الله تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر
قال أفلا أكون عبدا شكورا .
هذه خشية رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام فحري بكل مسلم أن يتفقد
نصيبه من خشية الله ودموعه إذا تذكر الباكين
وعظ مالك بن دينار رحمه الله يوما فتكلم فبكى حوشب فضرب مالك يده على منكبه
فقال إبك يا أبا بشر إنه بلغني إن العبد لا يزال يبكي حتى يرحمه سيده فيعتقه
من النار.
فيا غافلين عن دموع الباكين ويا لاهين عن عظمة تلك اللحظات أما علمتم أن دموع
الخائفين أحب الدموع إلى الله تعالى قال النبي صلى الله عليه وسلم ليس شيء أحب
إلى الله من قطرتين وأثرين قطرة من دموع خشية الله وقطرة دم تراق في سبيل الله
وأما الأثران فأثر في سبيل الله وأثر في فريضة من فرائض الله .....
أخي المسلم دموع تذرفها لله تعالى غنيمة غالية تفوز بها وبشرى لك إن حرصت
عليها
قال أبو حازم رحمه الله بلغنا أن البكاء من خشية الله مفتاح لرحمته وقال عمر
بن عبد العزيز رحمه الله لأبي الجودي الحارث بن عمير يا أبو الجودي اغتنم دمعة
تسيلها على خدك لله فيا أيها الضعيف لا تنسى أن أمامك الشدائد يشيب لهولها
الوليد لا تنسين بيت الظلمة والدود والقبر لا تنسين أول ليلة تبيتها في قبرك
لا تنسين هول السؤال ساعة يبعثك الملكان وأنت وحيد قد تفرق عنك الأهل والأصحاب
شدائد تبعث الدموع مدرارا شدائد تملأ القلب أحزانا وبين يدي تلك الشدائد سكرات
الموت وآلامه وحال الخاتمة ونهايتها
يقول ابن تيمية : مساكين أهل الدنيا , خرجوا منها ولم يذوقوا أحلى ما فيها ! قيل له : وما أحلى ما فيها ؟ قال : حب الله عز وجل
فأنت مسكين يا من لم تجرب البكاء في صلاتك بين يدي ربك عز وجل
مسكينة يا من لم تشعري بجسدك وقلبك يرتجفان لذنب أذنبتيه , خوفا من الله الواحد القهار
أسأل الله أن يحسن خاتمتنا اللهم آمين . </B>
================================================== =========
اللهم صل على محمد وال محمد
رقم الأدراج: 63074