![]()
أين نحن عن كتاب الله ؟؟؟![]()
لقد رسم الرسول الأكرم - صلى الله عليه وآله وسلم - خطة واضحة لأمته كي تعيش قوية متماسكة الأطراف ، عندما قال : ( إني مخلف فيكم الثقلين ، كتاب الله وعترتي أهل البيت ، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ) .
هذا الضمان الذي طرحه الرسول الأكرم لشيعته ومحبيه ، ليس مجرد شعار أو عنوان براق في مجلة أو صحيفة أسبوعية يتناقله الناس بين الفينة والأخرى ، أو حادثة عشوائية ، إنما هو مشروع علم وعمل متواصل ، يتطلب التفكير والجدية واللمسة الإبداعية ؛ للرقي بمستوى الفرد والمجتمع نحو الفضيلة والخلق الحسن ، والأجر والثواب الكبير، في زمن فقد الفرد فيه الكلمة الطيبة والابتسامة المهذبة ، فبات ينهش في لحم أخيه المؤمن .
أعتقد أن نظرة سريعة في برامج ومشاريع أي مجتمع من المجتمعات كفيلة لتقديم استمارة تقييم له ، فما ذلك إلا لأن أفراده فكروا وقدموا وأعطوا وبذلوا الغالي والنفيس ليعيشوا حياة مختلفة تتناسب ووضعهم واحتياجاتهم.
جاء في نهج البلاغة المنسوب للإمام علي بن أبي طالب "ع" قوله : ( زكاة العلم إخراجه ) و قوله ( لا كنز أنفع من العلم ) فكيف إذا كان ذلك العلم هو العلم الذي به نعبد ربنا ونصل من خلاله إلى جنته وعفوه ورضوانه ؟!
الثقافة القرآنية مطلب إسلامي ملح في زمن راح أعداء الإسلام يبثون سمومهم لزعزعة كياننا المحمدي الاثني عشري ، وما ذلك إلا لأنهم وجدوا الفرصة السانحة والأرضية المناسبة لتقديم وجباتهم الشهية لأبنائنا من خلال وسائل الإعلام ، والفضائيات المتعددة ، فكانت النتيجة النهائية البعد عن كتاب الله تعالى وأخلاق المسلمين ، والانزلاق في مهاوي الرذيلة ودنس الذنوب والتمرد الأسري وتعاطي الحرام . أتصور أن جل منازلنا ومؤسساتنا الاجتماعية تمتلئ بمصاحف القرآن الكريم ، ولكن هنا أبدأ موضوعي من خلال عدة أسئلة " أوجهها لك عزيزي الناشئ والشاب ، أختي الناشئة والشابة ) :
هل تعلم كم عدد سور القرآن الكريم ؟
وكم أجزاءه ؟
وكم منها تلوت أوحفظت في اليوم ، أو الأسبوع ، أو الشهر ، أو العام كاملاً ؟
هل قرأت شيئا من مصنفات أو مجلدات التفسير المشهورة ؟
هل تتذكر أسماء مجودي وحفظة كتاب الله في بلدك أو غير بلدك ؟
هل تحفظ أسماء الله الحسنى ؟
كم بحث أو مجلة أو تقرير قرآني طالعت وناقشت ؟
هل شاركت في ندوة أو مسابقة قرآنية ؟
هل تحوي مكتبة منزلك على اسطوانة كمبيوترية لشيء من علوم القرآن ومعارفه ؟
كم قصة قرآنية تتذكر ؟
هل شجعت أحد من زملائك ورفقائك على تعلم أو تدريس القرآن ؟
أما زلت تتذكر آيات الحج ، والزكاة ، والطهارة ، والصلاة ، والخمس ، والحجاب التي في القرآن الكريم ؟
هل استفدت من القرآن في حل مشاكلك الجسمية أو النفسية أو الاجتماعية ؟
هل حواراتنا المنزلية والعملية أو في المزرعة أو النادي أو المستشفى تستقطع دقائق ليكون القرآن إحداها ؟
هل للحضور القرآني أثر في دعائنا وتربيتنا وقربنا من الله ؟
سيقف كل واحد منا متحيراً أمام هذا الكم الهائل من الأسئلة التي قد تحرجنا وتغير من واقعنا المر ، ولكن إذا ما قارنا واقعنا بغيرنا ممن استفاد من هذه الثقافة ، سنجد أن لديهم رصيد كبير من النقاط ربما يسعفهم ويقودهم لشاطئ الأمان وبر السلام.
القرآن الكريم يشير إلى معنى كبير في هذا المجال ، إذ يقول عز من قال ( لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) هنا تلحظ تجلي مفردة الخشوع والتصدع والخشية ، وما أحوجنا جميعاً لهذه الاستعدادات والكمالات النفسية .
جاء في الرواية : ( أن المؤمن لو قرأ مائتي آية من القرآن ، ثم دعا على جبل لنسفه ) هكذا تكون البشارة للمؤمن فينال البركات الإلهية والفيوضات والألطاف الخفية جراء عمله البسيط .
ولكي نعيش في واقع أفضل ، أكرر مقولتي : نحن بحاجة إلى تدقيق أكبر في الآية المباركة (َأفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) هكذا صارت حياتنا ، فجنحنا نحو الجلوس في الطرقات والمزارع والأندية والتلذذ بشتى المأكولات والمشروبات ، والحديث الجانبي نحو الدوري الأسباني أو الأوروبي ، فكانت ثمرة ذلك أن جيلنا الجديد نسي كتاب الله ، وصار همه العشق الكروي ، والفن الرياضي ، وكأنما نحن خلقنا لأجل الرياضة فحسب !!!.
لا أحد ينكر ما للرياضة والجلوس مع الآخر من فوائد مختلفة لا سيما في وقتنا الحاضر ، ولكن المعادلة تتطلب الكثير الكثير من التنسيق الزمني ، ومراجعة النفس لنحيى حياة قرآنية فاعلة ، تهيئنا لنحل مشاكلنا من خلال كتاب الله في أي حقل من حقول الحياة . سأتحدث بلغة أكثر وضوحا ، وأقول : أين هي مسابقات البحوث القرآنية ؟ أين هي مسابقات الحفظ والتلاوة والتجويد ؟ أين كتب قصصنا القرآنية ؟ أين هي ندواتنا ومؤتمراتنا القرآنية ؟ أين ..... ، أين ............... ؟
إذا علمنا أن غيرنا من البلدان تقيم تلك الفعاليات التي ينتعش بها الدين والمذهب وينشط الفكر ، وتصرف عليها المبالغ الهائلة وتستضيف العلماء والمفكرين من مختلف البلدان .
سيبقى الفرد متحيراً أمام المشهد السابق ويذعن أن الإجابة ( لا شيء عندنا له مساس بكتاب الله ) وهنا تأتي الصدمة اللاذعة ( ماذا نفتقر لكي يكون لنا نصيب من ذلك ؟ )
أدعو الجميع أن يقف عند هذه الآية (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ) حتى يتيقن بأن النتيجة النهائية هي الآية التالية (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) .
أم أننا نعيش في عالم آخر ، وهو عالم المال والولد والشهوة والضحك .
اللهم ما عرفتنا من الحق فحملناه وما قصرنا عنه فبلغناه ، واستغفر الله العظيم لي ولكم ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين .
احترامي
![]()