المهندس
لم يكن الفنان الراحل فؤاد المهندس يتألم – فقط- من أمراض الشيخوخة التي توفى جراءها في منزله فجر السبت الماضي، بل كان آلمه الأكبر من حالة التجاهل التي عانى منها طوال السنوات العشر الماضية، من يصدق أن فؤاد المهندس لم يقف أمام كاميرا السينما منذ 12 عاماً.
ومن قبلها بفترة لم يقف على خشبة المسرح الذي كان له استاذا واعتبره الكثيرون الامتداد الحقيقي لنجيب الريحاني، وبالتدريج بدأ المهندس يفقد نشاطه الفني، فتوقف عن برنامجه الإذاعي اليومي الشهير "كلمتين وبس" ثم حارب طويلاً من أجل فوازير "عمو فؤاد" الرمضانية التي قدمها للأطفال لدرجة أنه في الأعوام الأخيرة كان يصور 15 حلقة فقط لأسباب صحية،عرف المهندس النجاح في كل أعماله، كانت شخصيته الفنية المميزة سبب حب الجماهير له، الصوت، الأداء، الاجتهاد، التجديد، العمل الجماعي، اكتشاف المواهب، لكن كل ما سبق لم يمنع "سنة الفن" من أن تطال المهندس، فالفنان بات مثل خيل الحكومة كلما كبر سنه ابتعدت عنه الأضواء .<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p>
لهذا رحل المهندس وهو يشعر بمرارة الوحدة لكن دقائق الوداع الأخيرة كانت دليلاً على أستاذيته، عندما تجمع التلاميذ يودعون الأستاذ، ليشير لهم الناس ويقولون هؤلاء هم تلاميذ الراحل الكبير.
<o:p> </o:p>
فعندما يشارك في الجنازة النجم عادل إمام سيتذكر الجمهور بالطبع أن أول ظهور له كان مع المهندس في مسرحية "أنا وهو وهي" لينطلق إمام بعدها نحو النجومية ولا يخجل الأستاذ من الظهور معه في دور ثانٍ في "خمسة باب " و"خلي بالك من جيرانك" ، الكلام نفسه ينطبق على الزوجة والحبيبة والصديقة ورفيقة النجاح الفنانة شويكار التي بدت متأثرة بشدة ورفضت الحديث لقنوات التليفزيون، ومعهم جمال إسماعيل الذي عرفه الجمهور مع المهندس في مسرحية "سيدتي الجميلة" ولولا مرض شيريهان وسيد زيان لكانا بين الحضور بالتأكيد ، بينما سبقته تلميذته النجيبة سناء يونس إلى رحاب الله قبل شهور .<o:p></o:p>
رحل المهندس بعد أسابيع من وفاة زميله ومنافسه عبد المنعم مدبولي وكان سيرحل معه في نفس اليوم بسبب حريق شب في شقته لولا تدخل الجيران وزوجة ابنه فقد كانت حركته بطيئة بسبب مضاعفات القلب.
<o:p> </o:p>
رحل تاركاً وراءه تراثاً فنياً ضخماً سيعيش طويلاً، فقد كان بطلاً في السينما بعكس معظم نجوم الكوميديا الذين تألقوا على المسرح فقط، ولمسلسلاته شعبية مستمرة حتى الآن ويكفي أن نذكر منها "عيون" في دور المحام الذي يعاني مرض السير أثناء النوم .
<o:p> </o:p>
رحل المهندس في هدوء لكن أغرب من نشرته الصحف حول رحيله ما ذكرته صحيفة المساء أمس الأحد من شهادة خادمته التي أكدت أنها دخلت عليه فقال لها: "ابعدي.. خللي فريد شوقي يدخل" وأخذ ينادي عليه بصوت عال، فتركته لمدة ساعتين وفي السابعة والنصف دخلت عليه مرة أخرى لتعطيه الدواء فوجدته قد فارق الحياة !!