فهو قد يجمل القبيح ويُقبح الجميل ، ويقرب البعيد ويُبعد القريب، ويشيد القصور الشامخات ويُزهر الخِصاب المجدبات ويرفع شأن من وضعه الزمان ولكن مجرد مايتضح الكذب ويُكشف صاحبه يهوي من العيون ويسقط بنظر المحبين وينكشف لمن هم بهِ هائمين وتتحول الحلاوة إلى مرارة.
أحبتي نحن في مكان يكثر فيه الكلام عن الذات والأخذ والعطاء بما فات وما هو آت فلا يكذب أحدنا من أجل أن يظهر أما الغير الفارس الهمام أو البطل المغوار أو معجزة الزمان وملك الأخلاق الحِسان.
فمهما طال حبل الكذب فهو قصير مخيب لصاحبه.
لم يُجبر الكاذب على الكذب هنا وفي الخارج فإن أحببت إلا تكشف عن شخصيتك ومافيها من سلبيات "وهذه السلبيات بالجميع فليس هناك أحد كامل" فاسكت ولاتكذب حتى تكسب ود صديق أو تغرر بالبعيد.
قد يكون المؤمن جباناً أو بخيلاً وهما صفتان مذمومتان ولكن من المحال أن يكون كذاباً سُئل الرسول صلى الله عليه وسلم : (( أيكون المؤمن جباناً ؟ قال نعم ، قيل أيكون المؤمن بخيلاً؟ قال نعم ، قيل أيكون المؤمن كذاباً؟ قال لا))
&&
قال صلى الله عليه وسلم: ((شر الناس ذو الوجهين : الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه))
فالكذب مذموم لأنه حجاب مزيف يُخفي الحقيقة وهدف منشود لمن دنت همته وساءت طويته.
أحبتي الكذاب لابد أن تتعدد عنده الوجوه ويحمل في جعبته أقنعة فكل هدف منشود له قناع يؤدي المطلوب
كيف بنا إذا كُتبنا عند الله كذابين أي شرف نفتخر به وأي أسم نتسمى به قال صلى الله عليه وسلم: ((إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا وقال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإنه يعني الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا قال أبو معاوية : وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق.))
فتحري الكذب يكون عندما ينتظر ويُخطط الإنسان للكذبة فهذا من يتحرى الكذب.
ومن كان الكذب خُلقه وشِعار ينصبه بين عينيه فمع الزمن قد يُسمى به في الآخرة ويكتب عند الله "فلان بن فلان كذاب"
وإن عُرف بالدنيا بكذبه فقد جمع بين خزيين وخسارتين فقد يُنادى بالكذاب فيُقال له "أتى فلان الكذاب، ذهب فلان الكذاب، قال فلان الكذاب" ولم يُسمى مسيلمة الكذاب بهذا الاسم إلا لإتصافه بالكذب وجعل الكذب شعاره.
فوالله الكل ينفر من هذه الصفة ويتمنى أن يُكتب عند الله صادقاًوخير دليل أبو بكرالصديق –رضي الله عنه- فشتان بين من لحقه العار والخزي في الدارين وبين من تشرف ورفعه صدقه في الدارين.
ولكل واحد منا أن يضع مسيلمة الكذاب وأبو بكر الصديق في كفتي الميزان حتى يرى الفرق ومن يرجح به الميزان.
جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ما عمل الجنة قال: ((الصدق وإذا صدق العبد بر وإذا بر آمن وإذا آمن دخل الجنة قال يا رسول الله ما عمل النار قال الكذب إذا كذب العبد فجر وإذا فجر كفر وإذا كفر دخل يعني النار))
أترون خطورة الكذب فمن تعود عليه فلا يأمن على نفسه من أن يُصلهُ كذبهُ إلى الكفر والعياذ بالله.