قالت تفيدة زوجة سيد أفندي ‏:‏

أنا رايحة الكوافير ياسيد‏..‏

هز سيد رأسه وكان مستغرقا في جلسته أمام التليفزيون‏..‏

لم يسمع زوجته‏..‏ ويبدو أنها من فرط العشرة قد أصبحت تفهمه كما يفهم نفسه وربما أكثر‏.‏


من هنا عادت تقول له‏:‏

انت سمعتني ياسيد‏..‏

قال سيد‏:‏ أيوه سمعتك‏.‏

قالت تفيدة‏:‏ طيب أنا قلت إيه؟


تصنع سيد الغضب وقال لها‏:‏ بطلي الامتحانات اللي بتعمليها لي طولة النهار‏..‏ والليل‏.‏

انصرفت زوجته وعاد سيد إلي شاشة التليفزيون الصغيرة‏,‏ التي ابتلعته تماما وانفصل فيها عن العالم الخارجي‏.‏

وفكر سيد أن الوقت الذي يقضيه جالسا أمام التليفزيون والمحطات الفضائية يزيد مع مرور الوقت‏.‏


في البداية كان يستمع إلي الأخبار في التليفزيون‏,‏ بعد وقت بدا في البداية قليلا ثم راح يزيد‏..‏ أصبح يستمع إلي الأخبار والأفلام والأغاني والإعلانات والرقص‏.‏

بعد دخول الديش في حياته أصبح جلوسه أمام التليفزيون هو كل ما يفعله إذا وصل إلي البيت‏.‏

حتي الأكل في البيت أصبح يجري أمام التليفزيون‏,‏ ان زوجته تعد له صينية وتضعها في مرمي شاشة التليفزيون‏,‏ حيث يبدأ سيد افندي الأكل وعيناه علي التليفزيون‏..‏


وكثيرا ما سألته زوجته‏:‏

نفسي أعرف ايه اللي واخدك في التليفزيون بالشكل ده؟

ولم يكن يجيبها علي السؤال لأن فمه مملوء بالطعام‏..‏


ومر الوقت‏..‏

ربما مرت ساعة ونصف أو ساعتان‏.‏

ورفع سيد افندي رأسه من أمام التليفزيون ونظر إلي الصالة كانت أنوار الصالة مطفأة‏.‏

لم يتبين سيد من الذي يمر في الصالة‏,‏ كل ما رآه كان شبحا أصفر الشعر يمر في الصالة‏.‏


نسي سيد ان زوجته حدثته أنها ذاهبة إلي الكوافير‏..‏ وفكر بينه وبين نفسه انهم كثيرا ما يتركون باب الشقة مفتوحا‏.‏

امتلأ سيد افندي برعب غامض مجهول لدي رؤيته السريعة لهذا الشبح الذي عبر الصالة منذ قليل‏.‏

ورجح سيد افندي ان باب الشقة مفتوح وهناك لص مطلق السراح في الشقة‏.‏

نهض سيد افندي واقفا وصرخ‏..‏


مين هناك؟

لم يجيبه أحد ولا رد عليه أحد‏.‏

وعاد سيد يصرخ بعزم صوته مين هناك؟

وهنا دخلت زوجته الحجرة‏..‏


سألته الزوجة بدهشة‏:‏ انت بتصرخ ليه ياسيد‏..‏ مالك؟

قال سيد‏:‏ أنا اتخضيت‏..‏ لقيت حاجة صفرة ماشيه في الصالة‏.‏

وفي هذه اللحظة لاحظ سيد افندي ان شعر زوجته اصفر‏..‏


سألها‏:‏ انتي كنتي فين؟

قالت‏:‏ كنت عند الكوافير‏.‏

سألها‏:‏ ليه؟


قالت‏:‏ رحت صبغت شعري أصفر‏..‏

عاد سيد يردد ليه‏..‏ ولكن زوجته كانت تتأمل نفسها في مرآة بالغرفة وهي تقول بسعادة‏:‏

كده شكلي أحلي من الأول‏,‏ موش كده واللا ايه؟


لم يرد عليها سيد‏..‏

اجتاحته موجة من الضحك‏..‏

كان شكل زوجته يدعو إلي الضحك‏..‏


حاول سيد افندي أن يتوقف عن الضحك ولكنه فشل تماما‏,‏ ويمكن القول ان نوبة من نوبات الضحك قد أدركته فلم يعد يستطيع إيقافها‏.‏

وكشرت زوجته عن أنيابها وسألته وهي عابسة‏:‏

بتضحك علي ايه ياسيد؟


كان وجه زوجته مكفهرا‏,‏ وأدرك سيد ان الحكاية يمكن ان تنقلب إلي النكد فتماسك وكتم رغبته في الضحك وبذل مجهودا عنيفا حتي سيطر علي نفسه ولم يعد يضحك‏..‏

وعادت زوجته تسأل‏:‏

ايه اللي بيضحك في شكلي ياسيد؟


أدرك سيد الفخ المنصوب له فقال في براءة مصطنعة‏:‏

أنا مش بضحك علي شكلك‏..‏ أنا فوجئت بحاجة صفرة ماشية في الصالة‏..‏ بصراحة أنا اتلهيت‏..‏ افتكرت حد غريب‏..‏ طلعتي انتي‏..‏

استمعت الزوجة إلي دفاع المتهم وكشرت أكثر وقالت‏:‏


شايفاك بتضحك قوي علي شكلي‏..‏ شايفني أراجوز؟

قال سيد وهو يتراجع‏180‏ درجة بعد الشر عنك انك تكوني أراجوز‏..‏ انتي ست الستات‏,‏ كاملة الأوصاف والمعاني ماكانش ناقصك غير انك تصبغي شعرك أصفر‏,‏ زي مذيعات التليفزيون‏,‏ الواحدة منهم سمارة لكن صابغة شعرها أصفر‏.‏

لانت الزوجة قليلا وعادت تسأل‏:‏ كده أحسن واللا الأول؟


قال سيد بحماس‏:‏ لأ طبعا‏..‏ دلوقتي أحسن بكتير‏..‏ أنا بفكر أصبغ شعري أنا كمان أصفر‏,‏ بس للأسف ماعنديش شعر‏..‏ اصلعيت‏..‏ لولا الصلع كان زماني صابغ شعري أصفر دهبي‏..‏

ومرت الليلة بسلام‏.‏

يارب كملها بالستر وحياة حبيبك النبى