صورة أخري
![]()
الحاجة ظريفة تروي رحلتها الشاقة من يافا إلى مخيمات اللجوء
مازالت ذاكرة الحاجة ظريفة عبد الله التي هجرت قسرا من مدينة يافا الفلسطينية المحتلة عام (1948) تحتفظ بأخر لحظات خروجها وزوجها من بيتهم في المدينة التي أصبحت اليوم تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي وتحولت إلى أكبر مدن دولة الاحتلال .
فرغم كبر سنها حيث دخلت في عقدها الثامن تذكر مرحلة شبابها التي عاشتها في المدينة المحتلة ، وتقول الحاجة ظريفة والتي انتقلت حاليا لتستقر في الخليل: " بدأ الناس بتناقل الأخبار عن أن عصابات اليهود المسلحة تهاجم منازل الفلسطينيين وتقوم بذبحهم وكنت اسكن مع زوجي في حي المنشية بالمدينة وأخبرنا زوج عمي بأنه يفضل الخروج حتى تستطيع الجيوش العربية قصف عصابات اليهود وفعلا جمعت ملابسنا وبعض ما خف وزنه من أغراض " .
وتضيف الحاجة :" لم أكمل جمع ملابسنا وكنت أجهز في ابني سليم حتى بدأ صوت النار يقترب من حينا وبدأت جارتي تطرق الباب وتخبرني أنه يجب الخروج فاليهود يقومون بذبح كل حي فيه فلسطينيون وفعلا دخلت لأخذ ابني وحقيبة الملابس لكني تفاجئت أن ابني لم يكن موجود في المنزل ولا أعلم أين ذهب وبدأت بمناداته والصراخ حتى جاء والده وغادرنا بسرعة رغم صراخي المتواصل " .
وتروي الحاجة مرحلة انتقالهم من يافا إلى القدس حيث كان يقطن بعض أقارب زوجها ، وتقول :" تمكن زوجي من توفير سيارة لتنقلنا إلى مدينة القدس وأخبرني أن ولدنا سليم موجود مع عمته بعد أن عثرت عليه قرب منزلنا لوحده وبقي معها " .
ولم تتوقف المأساة عند التشرد والبعد عن الولد ، فرغم وجودها بمدينة القدس وليست ببعيدة عن بيتها وولدها الوحيد فعندما أكملت عصابات الاحتلال الإسرائيلي احتلال بقي الأراضي الفلسطينية طالت المأساة مجددا الحاجة ظريفة .
وتواصل روايتها التي أصبحت تاريخا يوثق لإثبات الحق في العودة للأرض ، وتستذكر تلك اللحظات عندما اندلعت الحرب عام 1967 حيث خرجت تحمل ابنها الذي ولد في القدس وأسمته سليم ليحمل اسم شقيقه الذي مازال مفقودا مع عمته " .
وتقول الحاجة ظريفة :"خرجت مع زوجي وحملت ابني الذي كان عمره آنذاك خمسة أعوام على أكتافي وبدأنا بالسير لمسافات طويلة عبر الجبال باتجاه الخليل وخلال ذلك كان قصف الطائرات متواصل حتى وصلنا وزوجي وبعض أقاربه إلى أحد الجبال في الخليل وكان هناك كهفا وقرر زوجي أن نجلس فيه لفترة من الزمن حتى تهدأ الأوضاع " .
وعاشت الحاجة ظريفة وأكثر من ثلاثين شخصا من عائلة زوجها في الكهف عدة أشهر ثم انتقلوا إلي مخيم الفوار جنوب الخليل ـ حيث كان هناك تجمع للاجئين الفلسطينيين منذ العام 1949 و عاشت عدة أعوام وانتقلت لاحقا لتعيش في الخليل وعلمت لاحقا بان ولدها سليم الذي فقدته في يافا انتقل للعيش في الأردن مع عمته .
ومازالت الحاجة ظريفة تتمنى أن تحقق حلمين لها قبل الموت ، حيث حلمها بالعودة لمنزلها بيافا وحي المنشية الذي عاشت فيه ، والحلم بلقاء ولدها الذي يعيش في الأردن قبل أن تفارق الحياة " .
وفي سؤال لها ان تقبل بأن تنقل للعيش بالادرن مع ولدها دون العودة إلي يافا والتخلي عنها ، أجابت الحاجة ظريفة وبدون تفكير طويل أو تردد بان العودة الى يافا هو حلمها وحلم ابنها سليم فاللقاء في يافا وهي لن تخرج من فلسطين إلا القبر أو الى منزلها في يافا .
وتضم محافظة الخليل مخيمين للاجئين الفلسطينين ، وهما مخيم العروب شمال المدينة ومخيم الفوار جنوب المدينة .
ويقيم في مخيم الفوار 7434 لاجئا فلسطينيا ، حيث أسس عام 1949 على مساحة 360 دونم ، ويعتمد ساكنو المخيم بالكامل تقريبا على العمل داخل الأراضي المحتلة عام 48 .
ويعود السكان بأصولهم إلى القرى القريبة من الخليل، مثل الفالوجا، وجميل، وعراق المنشية، التابعة لقضاء غزة، وقرى بيت جبرين، وكوبر، ودير الدبان، والدوايمة، حيث أقاموا في منطقة مخيم الفوَّار، وكانت ينابيع المياه ما اجتذبهم للإقامة في هذه المنطقة، حيث ثمة 7 عيون، يستفاد الآن من 4 عيون.
أما مخيم العروب شمال الخليل فقد تأسس عام 1949م من قبل وكالة الغوث لتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في منطقة تدعى وادي الصقيع ، بلغت مساحة المخيم عام 1949م حوالي 258 دونماً ازدادت المساحة نتيجة التوسع العمراني إلى 347 دونماً منها 298 دونماً أراضي زراعية .
وبلغ عدد سكان المخيم عام 1967م حوالي 3600 نسمة ارتفع إلى 4900 نسمة عام 1987م ويقيم الآن أكثر من 8600 لاجئ فلسطيني وفقاً لتقديرات وكالة الغوث، ومعظمهم من القوى العاملة الذين يعملون في قطاع الخدمات وعمال بالأجرة في مختلف القطاعات في الضفة.