مرَّ على قيادة الحكومة منذ سقوط الصنم حتى الان بضعة رؤساء، سيكون من الصواب القول، إنَّ حكومة السيد نوري المالكي هي الأفضل إنجازا ً إنْ على صعيد تحسُّـن الحالة الأمنية وانخفاض معدلات العنف والجريمة و"السرقات الخرافية للمال العام"،
أو على صعيد تحسُّـن الوضع الإقتصادي والخـَدَمي للمواطنين، مضافا إلى ذلك تحسن وضع العراق على صعيد علاقاته الإقليمية والدولية وهو تحسن ناجم عن جهد شخصيّ بذله السيد المالكي وليس جهد وزير خارجية حكومته الذي يمكن وصفه بكونه وزير خارجية إقليم ٍ من أقاليم العراق وقومية من قومياته أكثر من كونه وزير خارجية دولة العراق وشعب العراق بكافة قومياته..
إنجازات المالكي هذه، هي التي أهَّـلـَته أن يكون رجل المرحلة وجعلته يحظى أكثر من سابقيه، بدعم ومساندة قطاعات واسعة من الجماهير الشعبية... والمؤكد أن هذا الدعم والمساندة، سيتضاعف حين ينجح في لجم الإرادة الأمريكية الساعية إلى تكبيل العراق بقيود أمنية طويلة الأمد تهدف من ورائها إلى شرعنة الإحتلال وتحويل العراق إلى مستعمرة مموّهة بغطاء قانوني.
معارضة جماهير الشعب العراقي وقواه الوطنية ومرجعياته الدينية لمشروع المعاهدة، هو الذي حمل السيد المالكي على عدم التسرع في الموافقة عليها، حين بدرت منه كلمة "لا" حيال بعض بنودها وبخاصة ما يتعلق منها ببقاء قوات الاحتلال دون سقف زمني، وحصانة هذه القوات وجحافل المرتزقة العاملة معها من المساءلة والخضوع للقانون العراقي..
موقف الشعب العراقي وقواه الوطنية ومرجعياته الدينية، هو الذي أرغم الإدارة الأمريكية على إجراء "بعض التعديلات" على مشروع معاهدتها التآمرية، ووفـّر للسيد المالكي مبررا ً في إصراره على جدولة الإنسحاب.
لقد بات جليا أنَّ جماهير الشعب العراقي، ستقول في انتخاباتها القادمة "نعم" لهذا القائد أو ذاك المرشـّح السياسي العراقي، بقدر ما يقول كلمة "لا" لإرادة البيت الأبيض الأمريكي... فعسى السيد نوري المالكي سيضاعف من حجم كلمة "لا" بوجه الإدارة الأمريكية، ليُزيدَ الشعبُ العراقي من حجم كلمة "نعم" للمالكي في أية انتخابات قادمة لاختيار الشخص الجدير بكرسي رئاسة الحكومة وقيادة سفينة السلطة.
لقد أثبت السيد المالكي أنه أكثر جدارة ً برئاسة الحكومة، من سـابـِقـَيْـه ِ "إياد علاوي" و"ابراهيم الجعفري".. وأكثرهما إنجازا ً ملموسا ً (رغم كونه أقـلــّهـما كلاما ً وجعجعة خطابات) فعـساه سيستثمر الدعم الجماهيري، فـيضاعـف من حجم كلمة " لا " بوجه إصرار الإدارة الأمريكية على عدم تحديد سقف زمني لانسحاب قواتها من العراق، ليُضاعف الشعب العراقي من حجم كلمة "نعم" للمالكي فيكون بحق رجل المرحلة ـ خصوصا إذا شفع هذه الـ "لا" بثورة حقيقية على نظام المحاصصة الطائفية، وفي الإعتماد على نخبة من التكنوقراطيين عملا بمبدأ "الشخص المناسب في المكان المناسب" بعيدا عن أي شكل من أشكال العَنـَت الطائفي والقومي أو القرب والبعد من هذا الحزب أو تلك الكتلة المتنفذة...
لا أزعم أن السيد نوري المالكي خيرُ مَنْ يصلح لرئاسة الحكومة في العراق.. لكنني على يقين من أنه أفضل بكثيرٍ من زميليه السابقين، وأكثر منهما إنجازا.


رد مع اقتباس
