![]()
دعونا نعرّفكم إلى المنزل العصري أو ما أصبح يلقّب بالمنزل الذكي وهو ما أضحى شائعاً أكثر وأكثر...
أصبحت العلاقات التي تربط أفراد الأسرة بعضهم ببعض أكثر هشاشة، فهل تتوحّد العائلة حين تعلّق الأهمّيّة للتكنولوجيا على حساب تواصل الأفراد.
بداية، ليس بخفي أن التكنولوجيا وجدت لخدمة خير البشرية وتحسين مساراتها، بيد أنها سلاح ذو حدين، فهي تدعم علاقات الأسرة من ناحية وتفرّقها بمكر من ناحية ثانية.
ولتبيان لحسناتها، فلنأخذ المثال الشائع والأبسط، ألا وهو مثال الهاتف النقّال الذي من شأنه أن يضيف إلى جو العائلة انبعاثاً جديداً للثقة بين الأفراد ممّا من شأنه تعزيز استقلاليّتهم. وبالتالي، تساهم التقنية في تخطي الاضطرابات الناجمة عن قلّة الثقة، فاسحة المجال أمام الاحترام المتبادل.
أمّا الأمان والطمأنينة اللذين يؤمّنهما جوّ التكنولوجيا فيشكّلان حافزاً للعودة إليها ويدعمان الأدوار التي تؤديها، فإمكانيّة التقنيّات الحديثة تتخطّى كل الحدود لتصبح قادرة على المشاركة في تنظيم أعمال البيت كمراقبة التيارالكهربائي وتعديل الحرارة في حال تم ربط المنزل بنظام معلوماتي كامل.
كيف يمكن لأداء التكنولوجيا أن يخدم روابط الأسرة؟ بكل بساطة، حين تحل التكنولوجيا أسباب الخلافات تعبر العائلة نحو تواصل أكثر سلاسة. كذلك تجمع التقنية العائلة حولها بطريقة ذكية ومسلية : خذ مثلاً الألعاب الحديثة التي تدعو الجميع إلى المشاركة دون إستثناء، مساهمة في توضيد المودة بين الأفراد...إنّها ألعاب تناسب كل الأعمار وتعجب الجميع وتقدّم أجمل اللحظات.
وعلى الرغم من ذلك، ما زال من الصعب حسم دور المناخ الإلكتروني في المنزل على أنه عنصر فاعل ومفيد في إطار العلاقات العائلية إذ إنّه تحت قناع تقوية العلاقات التي ما ينفكّ أن يؤذيها. فمع تشابك الإفراط في خصوصيّة الأفراد (كلّ يملك كلمات سرية للولوج إلى معطياته)، باتت حميميّة العائلة على المحكّ وهي أكثر ما يوحّدها ويميّزها.
هذا ما تظهره جلياً التكنولوجيا الخداعة كالتلفازالذي يجمع حوله العائلة بينما لا يكفّ عن تفرقتها... فحول التلفاز
نجتمع كلّنا ونتشاطر الضحكات والمعاناة ونأكل سويّاً كما لو كانت السهرة تقليداً عائليّاً! و لكن كم من المرات يمكننا التكلم إبان حلقة على التلفاز دون أن يهاجمنا الموجودون... والحقيقة أنّه بقدر ما يجمعنا هذا المناخ فإنه يزيد و يعزّز تفريقنا.
وتدخل التكنولوجيا في العائلة... فتقلب الموازين و تصبح عنصر الإهتمام و تحتل الأحاديث، فعلى طاولة المساء و هو الوقت المخصص للعائلة بامتياز، تحضر سماعات الموسيقى و الحواسيب قبلنا أحياناً فيصبح العشاء تقاسماً للطعام تصمت فيه الكلمات...
في الختام، يبدو أنّ المناخ الإلكتروني يغزو حياتنا اليومية جاعلاً منها أكثر سهولة أحياناً وقالباً المقاييس في أغلب الأوقات. أما النجاح في الحياة في هذا المناخ دونما مسّ لعلاقات الأسرة، فهو يعتمد على فصل التكنولوجيا و استثمارها مع حفظ حميميّة العائلة وخصوصيّتها في ما يخدم خير الجميع فلا يحفظ أيّ مكان للإلكترونيّات في إطار اللحظات المخصّصة للأسرة!