أجمع مسؤولون أمريكيون على أنه رغم تشرذم وإضعاف ودحر القاعدة في العراق، إلا أن التنظيم أبعد ما يكون عن اُجتثاثه من جذوره، وأنه مازال نشطاً وفتاكاً وأنه هناك ليبقى.
وقالت مصادر عسكرية وحكومية أمريكية للأسوشيتد برس إن الإستراتيجية العسكرية المنقحة التي ورثها قائد القوات الأمريكية في العراق، الجنرال ديفيد بتريوس، عند توليه المنصب منذ 13 شهراً، نجحت في تحقيق أهدافها الأساسية وهي تقليص قدرات التنظيم في إلهاب العنف الطائفي، الذي بلغ حداً دموياً في السابق.
إلا أن التنظيم أثبت قدراته على البقاء والاستمرار رغم ضغوط العمليات العسكرية الأمريكية الشديدة، وفق المصدر.
وقال قائد الكتيبة الأولى بفرقة المشاة الثالثة، الجنرال جون شارلتون: "يجب عدم الاستهانة بهم (عناصر القاعدة).. هذا ما خبرته على مر الوقت."
وأضاف شارلتون، الذي شاركت وحدته العسكرية في المعارك ضد التنظيم على مدى 14 شهراً في محافظة الأنبار: "تدهشني دائماً قدراتهم على التكيف وقابليتهم على التأقلم، يجيدون ذلك رغم أنهم فقدوا دعم السكان المحليين."
ومن جانبه شدد الجنرال ري أدرينوا، ثاني أعلى مسؤول عسكري أمريكي في العراق بعد انتهاء مهامه هناك في الرابع من مارس/آذار الجاري، على عزم المسؤولين الأمريكيين والعراقيين لاجتثاث التنظيم، إلا أنه أضاف منوهاً: "للأسف هذا التنظيم الإرهابي، سيبقى على مستوى ما هناك."
ومع استعداد التعزيزات العسكرية الإضافية الأمريكية للعودة، سيراقب بتريوس والإدارة الأمريكية عن كثب قدرات قوات الأمن العراقية على مواصلة الضغط على القاعدة.
وتقدر الاستخبارات الأمريكية أن قوى القاعدة، التي وفدت للعراق مع الغزو الأمريكي عام 2003، تراجعت من 10 آلاف عنصر، جراء الضربات المتتالية التي تلقاها التنظيم في معاقله الرئيسية في المناطق السنية، إلى أكثر من ستة آلاف عنصر، وفق المصدر.
ورغم عدم سيطرة التنظيم على مدن محددة، إلا أن ثمة جيوباً نشطة له في وسط وشمالي العراق.
وقال مصدران عسكريان، آثرا عدم الكشف عن هويتهما، إن معظم قيادات التنظيم، بجانب زعيمه أبو أيوب المصري، من الجنسيات العربية: السعودية وتونس واليمن وسوريا والمغرب وليبيا.
إلى ذلك، صرح قائد القوات الأمريكية في محافظ الأنبار، العميد جون كيلي، خلال موجز عبر الدوائر التلفزيونية مع البنتاغون بأن التنظيم يملك التمويل الكافي للتنقل من المناطق التي يتعرض فيها لضغوط عسكرية.
وأستطرد قائلاً: "نعتقد أنهم سيعودون إلى المنطقة التي يعرفونها أفضل من سواها"، في إشارة إلى محافظ الأنبار.
ومن جانبه قال برايان فيشمان، خبير القاعدة في "مركز مكافحة الإرهاب" بالأكاديمية العسكرية الأمريكية، إنه رغم افتقاد التنظيم لـ"تركيزه الإستراتيجي" عقب مقتل زعيمه أبو مصعب الزرقاوي، إلا أن القاعدة مازالت تشكل تهديداً.
وكان الزرقاوي قد لقي مصرعه خلال عملية عسكرية أمريكية في يونيو/حزيران عام 2006.
وأضاف فيشمان أن الوقت مازال مبكراً لإعلان انتهاء القاعدة هناك.
وجاء في تقرير رفع إلى الكونغرس الأسبوع الفائت أن عناصر القاعدة مازالت "فتاكة للغاية" في شمالي العاصمة بغداد ومحافظة نينوى، ورغم أنها أقل فعالية عن السابق إلا أنها تمتلك القدرات لشن ضربات في أنحاء العراق.
وعلى خط مواز، شكك تقرير أصدرته الأمم المتحدة السبت بسلامة الوضع الأمني في العراق، مشيراً إلى أن التراجع الحالي في معدلات العنف وأعداد القتلى يعود إلى التعزيزات العسكرية التي دفعت بها الولايات المتحدة مؤخراً الأمر الذي يقود - بحسب التقرير - إلى التساؤل حول طبيعة التطورات التي ستحصل على الأرض بعد انسحاب تلك التعزيزات.
ولفت تقرير المنظمة الدولية إلى أن تراجع العنف في بغداد رافقه تزايد في الهجمات خارج العاصمة، وخاصة في محافظة ديالى ومنطقة الموصل، التي تعتبر آخر معاقل تنظيم القاعدة خارج الأرياف في العراق.

المصدر