قالت مصادر أمنية أمس الاربعاء إن طائرات حربية وقوات تركية هاجمت متمردين أكرادا داخل العراق هذا الأسبوع لكن أنقرة امتنعت عن توجيه أي ضربة عسكرية كبرى في الوقت الراهن لتمنح الدبلوماسية فرصة. وأرسلت تركيا المزيد من القوات إلى منطقة الحدود الجبلية لمواصلة الضغط على بغداد لاحترام وعودها باتخاذ إجراء ضد ما يقدر بحوالي ثلاثة آلاف متمرد من حزب العمال الكردستاني المحظور الذين يتخذون من المنطقة قاعدة لهم. وأكدت مصادر أمنية تحدثت بشرط عدم الكشف عن هويتها أنباء الطلعات الجوية في الفترة بين يومي الاحد ومساء الثلاثاء التي توغلت فيها طائرات حربية تركية لمسافة 20
كيلومترا داخل العراق وتقدمت قوات قوامها نحو 300 جندي لمسافة عشرة كيلومترات. وقال مسؤول عسكري «يمكن توقع المزيد من غارات المطاردة الساخنة في شمال العراق رغم أنه لم تقع أي غارة اليوم (الاربعاء) حتى الآن«. وقال إن 34 متمردا من حزب العمال الكردستاني المحظور قتلوا في الغارات مضيفا أن جميع القوات التركية المشاركة في العمليات عادت إلى تركيا. لكن عبد الرحمن الجادرجي أحد المتحدثين باسم حزب العمال الكردستاني في شمال العراق قال لرويترز إنه لم يقع قتال مباشر بين الطرفين منذ الاشتباكات التي وقعت يوم الأحد الماضي والتي قتل فيها 12 جنديا تركيا. وأضاف أن القوات التركية كانت تقصف مناطق في شمال العراق لكن لم ترد سوى أنباء قليلة عن تجدد القصف أمس. وتعهدت بغداد بالتحرك ضد المتمردين. لكن مسؤولا تركيا نقل أمس عن الرئيس العراقي جلال الطالباني قوله إن العراق قد يسلم متمردين أكرادا لتركيا. وكان الطالباني استبعد من قبل أي خطوة كهذه رغم النداءات التركية. وتعزز وضع الليرة العملة التركية أمام الدولار عند 2100،1 مقابل الدولار على خلفية تصريحات الطالباني المذكورة. ووصف مسؤول تركي زيارة مقررة لوفد عراقي لأنقرة غدا الخميس بأنها «فرصة أخيرة« للدبلوماسية. وترأس الوفد العراقي وزير الدفاع العراقي اللواء عبدالقادر جاسم بناء على طلب تركيا. كما سيضم الوفد وزير الأمن الوطني العراقي شيروان الوائلي. وتخشى واشنطن والعراق من أن توغلا عسكريا تركيا كبيرا في شمال العراق قد يقوض استقرار المنطقة كلها. لكن حكومة رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان تتعرض لضغوط شديدة لاتخاذ إجراء صارم ولاسيما بعد مقتل الجنود الأتراك يوم الأحد. وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي أمس إنها أبلغت أردوغان يوم الأحد الماضي بأنها ستتعامل مع الموقف «بمنتهى الجدية«. وأضافت «لا ينبغي للعراق أن يكون مكانا يمكن للإرهاب من خلاله الإضرار بتركيا... لدينا قائمة بأشياء نعتقد أنها لو نفذت ستساعد في التعامل مع هذا الموقف«. مشيرة إلى تعهد العراق بإغلاق مكاتب حزب العمال الكردستاني. وتتشكك أنقرة في قدرة بغداد على اتخاذ إجراء ضد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق حيث لا تتمتع الحكومة المركزية بنفوذ كبير هناك. ويضيف نشر صور قيل إنها تعرض ثمانية جنود أتراك أسرهم حزب العمال الكردستاني للضغوط على أنقرة لاتخاذ إجراء. وقال مصدر عسكري في جنوب شرق تركيا لرويترز اليوم «اننا نعزز قواتنا بالقرب من الحدود عند سيلوبي واولوديري بجنود تم احضارهم من اجزاء اخرى من البلاد«. وقال الجادرجي من حزب العمال الكردستاني إن الجنود الأتراك الثمانية في صحة جيدة لكن لم يتخذ قرار بعد بشأن إطلاق سراحهم. ونشرت تركيا التي تمتلك ثاني أكبر جيش في حلف شمال الاطلسي قوات يصل قوامها الى 100 الف جندي تدعمهم دبابات وطائرات مقاتلة من طراز إف-16 وطائرات هليكوبتر حربية على امتداد الحدود الجبلية للتحضير لشن هجوم عسكري محتمل واسع النطاق. وتحمل أنقرة حزب العمال الكردستاني مسؤولية مقتل أكثر من 30 ألف شخص منذ أن بدأ الحزب حملته المسلحة في عام 1984 لإقامة دولة للأكراد في جنوب شرق تركيا. وفي أنقرة اجتمع أمس مجلس الأمن القومي الذي يضم زعماء سياسيين وضباطا كبارا من الجيش لبحث اتخاذ اجراءات اقتصادية ضد الإدارة الكردية في شمال العراق بسبب تقاعسها عن التعامل مع المتمردين. وقال صوات كينيكليو أوغلو وهو عضو برلمان من حزب العدالة والتنمية الحاكم «أشار رئيس الوزراء إلى أن هذا الاجتماع قد يسفر عن عقوبات اقتصادية كقطع الكهرباء مثلا عن شمال العراق أو إغلاق بوابة خابور الحدودية أو إبطاء حركة المرور عبرها«. ويعتمد شمال العراق اعتمادا قويا على تركيا في الكهرباء والمياه وكثير من الإمدادات الغذائية. وأثار الزعيم الكردي العراقي مسعود البرزاني غضب تركيا بشدة لرفضه التحرك ضد حزب العمال. وقال إن مقاتلي البشمركة التابعين له سيقاومون أي توغل تركي. وقال وزير التجارة التركي كورشاد توزمان أمس إنه إذا تصاعدت الأزمة الراهنة بشأن متمردين أكراد في شمال العراق فإن أنقرة يمكنها الابقاء على العلاقات التجارية مع بقية اجزاء العراق باستثناء الشمال. في حين دعا البيت الابيض أمس الاتراك والعراقيين الى ضبط النفس في مواجهة المخاوف من حصول توغل تركي في شمال العراق لمطاردة المتمردين الاكراد. وقالت المتحدثة باسم البيت الابيض دانا بيرينو «نواصل دعوتنا الطرفين العراقي والتركي الى ضبط النفس لعدم تصعيد التوترات بين البلدين لان (الاتراك والعراقيين) متفقون على واقع ان المشكلة مشتركة والعدو مشترك، انه منظمة حزب العمال الكردستاني الارهابية«. وحزب العمال الكردستاني هو حركة تمرد انفصالية لاكراد تركيا تتهمها انقرة باقامة قواعد في شمال العراق يستخدمها مقاتلوها في شن هجمات على القوات التركية. واضافت بيرينو «نحن قلقون لرؤية الاشتباكات تتواصل وحزب العمال الكردستاني يشن هجمات ارهابية ضد الاتراك«.