الكثير من مسلمي العصر جمعوا شُعب الإيمان في خليط منكر، كبروا فيه الصغير، وصغروا الكبير، وقدَّموا المتأخر، وأخَّروا المتقدم، وحذفوا شُعبا ذات بال، وأثبتوا محدثات ما أنزل الله بها من سلطان؛ فأصبح منظر الدين عجبا! لا.. بل أصبحت حقيقته نفسها حَرِيَّة بالرفض! ومن هنا صدف الأوروبيون عن الدين، لا لعيب فيه؛ بل في معتنقيه وعارضيه".

ويقول أيضًا: "يوجد متدينون من المسلمين النازحين إلى أوربا وأمريكا، وفيهم بلا ريب من هزم تيارات الانحراف التي تجره إلى السقوط، غير أن كثيرا من هؤلاء يحمل جراثيم العلل التي شاعت في بلاده الأصلية، في إنجلترا دعاة للطريقة النقشبندية التقيت بأتباعهم من الإنجليز! وهناك من اجتهد فترجم موطأ مالك! فهو المذهب السائد في شمال أفريقية! وهناك من يحارب القباب والأضرحة في أمريكا، وهناك من يرى وضع اللثام على الوجه ويقرنه بكلمة التوحيد! وهناك من جعل شارة الإسلام الجلباب الأبيض كأننا في صحراء نجد! وهناك من حلق رأسه وشواربه بالموسى وأطلق شعر لحيته على نحو يشعرك بأن كل شعرة حرب على جارتها؛ فهناك امتداد وتنافر يثيران الدهشة".

ويقول في موضع آخر: "سيطر عليَّ وأنا في كندا شعور من الكآبة والمرارة؛ لأن نزاعا حدث في أحد المساجد، أتقرأ سورة قبل خطبة الجمعة أم لا؟ إن النازحين إلى العالم الجديد حملوا معهم جراثيم العلل في عالمهم القديم! وبديهي أن يكونوا صورة للأقطار التي أتوا منها! (..) لو كان للعقائد والأخلاق وجواهر العبادات لا صورها مكان عتيد لضاق المحل دون تضخم توافه كثيرة.

كان من المستطاع أن تكون الأقليات الإسلامية في أوربا وأمريكا وأستراليا رءوس جسور يعبر عليها الإسلام -وكل شيء هنالك يتطلبه ويهفو إليه- لو أن المسلمين يفقهون دينهم، ويصنعون من أنفسهم صورا وسيمة له. أما الاشتباك في حرب حياة أو موت من أجل التصوير الشمسي أو من أجل نقاب المرأة، فضلا عن حقوقها الطبيعية؛ فلا نتيجة له إلا الفشل".

ويقول: "ما يلقاه الإسلام من سوء حظ في أواسط أفريقية يتكرر في أقطار أوربا وغيرها.. لماذا؟ لأن ناسًا لهم أمزجة شاذة ومعارف ضحلة هم الذين يدعون إليه ويعرفون به. إنهم يعسرون ولا ييسرون، وينفرون ولا يؤلفون، سنن العادات يجعلونها سنن عبادات، ويلزمون الناس بما لا يلزم! إذا اشتجرت الآراء في موضوع هل هو مباح أو مكروه.. رجحوا الكراهية، هل هو مكروه أو محرم؟ رجحوا التحريم. وقد يكون في الفقه الإسلامي ما يوافق بعض التقاليد السائدة في الأمم التي ندعوها إلى الإسلام، بيد أنهم يحاربون هذه التقاليد لأنهم أتباع مذهب يرى تحريمها.
DOWNLOAD THE BOOK
HERE