القوات الأميركية: تجميد نشاط ميليشيا الصدر سيساعد على قتال «القاعدة»
ارتفاع عدد القتلى بين المدنيين العراقيين.. وحصيلة الشهر الماضي 1773 قتيلا
عراقيون يتفحصون سيارة حطمت أثناء هجوم عسكري أميركي على مدينة الصدر في بغداد امس (إ. ب.أ)
بغداد ـ لندن: «الشرق الأوسط»
أعلنت القوات الأميركية في العراق، أن توقف جيش المهدي التابع لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر عن شن الهجمات على قوات التحالف والقوات العراقية، سيعطي هذه القوات الفرصة لتكثيف عملياتها ضد تنظيم «القاعدة» في العراق. وقالت القوات الأميركية إن إعلان الصدر سيؤدي إلى الحد من الجرائم ويعطي العراقيين «فرصة تجاوز العنف الطائفي والعرقي والخوف» الذي يقسم العراقيين.
وأضاف البيان الاميركي «إذا طبقت أوامر الصدر سيسمح ذلك بالنتيجة للقوات العراقية بأن تركز بقوة على قتال تنظيم (القاعدة) في العراق وحماية الشعب العراقي».
واعتبر أن ذلك «يساعد في إعادة بناء البنى التحتية المتضررة وتحسين الخدمات الأساسية بدون مقاطعة تسببها هجمات جيش المهدي».
وعلى الصعيد السياسي اعتبر البيان الأميركي قرار التجميد «خطوة مهمة أيضا في مساعدة السلطات العراقية على التركيز أكثر في تحقيق حلول اقتصادية سياسية ضرورية للتقدم والاهتمام أقل للتعامل مع النشاطات الإجرامية مثل العنف الطائفي والخطف والاغتيالات والهجمات ضد قوات العراقية وقوات التحالف». ودعا البيان «جميع الأحزاب وكل الأطراف والشخصيات لدعم وتقوية هذه المبادرة الجديدة».
وأكد البيان أن «أمر الصدر سيعمل على استقرار الوضع الأمني وان قوات التحالف ستواصل دعمها لقوات الأمن العراقية من أجل فرض القانون وملاحقة هؤلاء الذين اقترفوا أعمال عنف».
وأشار البيان إلى أن «ذلك بدوره سيساعد في انخفاض النشاطات الإجرامية، ويساعد كذلك في إعادة توحيد العراقيين الذين فرقهم العنف الطائفي والخوف. ونحن نتطلع لتحقيق انخفاض العنف إذا طبقت توجيهات الصدر من قبل أنصاره».
ومن خلال التزام عناصر جيش المهدي بأوامر الصدر، تكون القوات الأميركية قد حيدت ميليشيا شيعية كانت في حال نزاع معها، بعد أن كسبت ولاءات الكثير من زعماء القبائل في المحافظات السنية الذين يعملون إلى جانبهم حاليا في قتال تنظيم «القاعدة» في مناطقهم.
ومنذ أواخر 2006 تشكل في محافظة الأنبار السنية مؤتمر صحوة الأنبار، الذي يضم زعماء قبائل بارزين، ودعا أبناء العشائر للالتحاق بالشرطة والجيش وتمكنوا من طرد عناصر «القاعدة» من أغلب مناطق المحافظة.
وعلى غرار ذلك، فقد تشكلت عدة مجالس صحوة في مناطق ساخنة آخرها مجلس إنقاذ ديالى الذي ضم عددا من الفصائل المسلحة التي كانت تقاتل الأميركيين، وهي اليوم توجه سلاحها ضد «القاعدة» هناك. وأكد أحد كبار مساعدي الصدر أن «التجميد الذي أعلن يهدف لإعادة هيكلة جيش المهدي لفرز بعض العناصر التي تدعي انتماءها له»، مؤكدا أن ذلك لا يعني حله. واكتسبت ميليشيا الصدر صورة المقاومة للأميركيين بعد مواجهتين مع القوات الأميركية عام 2004.
لكن هذه الصورة بدأت تتغير منذ فبراير(شباط) 2006، أي بعد التفجير الذي استهدف المرقدين الشيعيين في سامراء، حيث اتهم زعماء سنة جيش المهدي بارتكاب أعمال عنف طائفي استهدفت أعضاء الطائفة السنية، وذلك حسب وكالة الصحافة الفرنسية. ويتهم الجيش الأميركي بصورة متكررة مقاتلي جيش المهدي بارتكاب أعمال عنف ضد السنة، وكذلك يتهم عناصر منشقة من هذا التيار بتنفيذ هجمات ضد القوات الأميركية بدعم وتمويل إيراني. وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قد اعتبرت جيش المهدي اكبر تهديد لاستقرار البلاد، حتى أنها قالت إنه يفوق بخطره شبكة تنظيم «القاعدة». وفي الأشهر القليلة الماضية اتهم الجيش الاميركي العديد من عناصر جيش المهدي بتلقي تدريبات في إيران لغرض تنفيذ هجمات ضد القوات الأميركية في العراق. وبعد إعلان الصدر لا يزال الجيش الاميركي يقوم بمداهمات ضد أشخاص يعتقد أنهم منشقون عن جيش المهدي ويطلق عليهم اسم المسيئين.
من جهة أخرى، أوضحت إحصاءات حكومية عراقية ارتفاع عدد القتلى بين المدنيين في أغسطس (آب)، حيث سقط 1773 قتيلا قبل أيام من تلقي الكونغرس الاميركي تقارير حول استراتيجية الرئيس الاميركي جورج بوش في العراق، حسب تقرير لرويترز.
وأوضحت أرقام من عدة وزارات، أن معدل القتلى بين المدنيين ارتفع سبعة في المائة من 1653 قتيلا في يوليو (تموز). ومن بين القتلى 411 قتلوا في تفجيرات بشاحنات استهدفت الطائفة اليزيدية؛ وهي من الأقليات في شمال العراق في 14 أغسطس. ودون التفجيرات التي استهدفت الطائفة اليزيدية فان عدد القتلى سيكون أكبر أيضا منه في يونيو (حزيران)، حيث سقط 1227 قتيلا والذي كان أقل معدل شهري للقتلى بين المدنيين منذ بدء الحملة الأمنية التي تدعمها الولايات المتحدة في فبراير (شباط).
وأوضحت الأرقام أن 87 من قوات الأمن قتلوا في أغسطس، وهو ما يمثل انخفاضا كبيرا عن الشهر السابق عندما سقط 224 قتيلا منهم.
ويقول الجيش الاميركي إن الهجمات الطائفة انخفضت منذ نشر 30 ألف جندي أميركي إضافي تماشيا مع خطة الرئيس الأميركي جورج بوش لمنح الزعماء العراقيين المزيد من الوقت لتعزيز المصالحة بين الشيعة والسنة.
وقال الجنرال ديفيد بترايوس قائد القوات الأميركية في العراق لصحيفة استرالية في مقابلة الأسبوع الحالي، إن جرائم القتل الطائفية والعرقية انخفضت بنسبة 75 في المائة منذ العام الماضي. ولكن بالرغم من أن بعض المكاسب الأمنية تحققت لم يجر تمرير أي قوانين رئيسية تهدف إلى سد هوة الانقسامات الطائفية المريرة، وعانت حكومة رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي من انسحاب نحو نصف وزرائه.