و ما السعادة في الدنيا سوى شبحٍ
يُرجى فإن صارَ جسماً ملهُ البشرُ
كالنهر يركض نحو السهل مكتدحاً
حتى اذا جاءَهُ يبطي و يعتكرُ
لم يسعد الناسُ الا في تشوُّقهمْ
الى المنيع فان صاروا بهِ فتروا
فإن لقيتَ سعيداً و هو منصرفٌ
عن المنيع فقل في خُلقهِ العبرُ
* * *
ليس في الغاب رجاءٌ
لا و لا فيه المللْ
كيف يرجو الغاب جزءا
وعلى الكل اشتملْ
* * *
وغايةُ الروح طيَّ الروح قد خفيتْ
فلا المظاهرُ تبديها و لا الصوَرُ
فذا يقول هي الأرواح إن بلغتْ
حدَّ الكمال تلاشت و انقضى الخبرُ
كأنما هي...أثمار إذا نضجتْ
و مرَّتِ الريح يوماً عافها الشجرُ
و ذا يقول هي الأجسام ان هجعت
لم يبقَ في الروح تهويمٌ و لا سمرُ
كأنما هي ظلٌّ في الغدير إذا
تعكر الماءُ ولّت ومَّحى الاثرُ
ضلَّ الجميع فلا الذرَّاتُ في جسدٍ
تُثوى و لا هي في الارواح تحتضرُ
فما طوتْ شمألٌ أذيال عاقلةٍ
إلا ومرَّ بها الشرقي فتنتشرُ
* * *
لم أجدْ في الغاب فرقاً
بين نفس و جسدْ
فالهوا ماءٌ تهادى
و الندى ماءٌ ركدْ
و الشذا زهرٌ تمادى
.و الثرى زهرٌ .جمدْ
و ظلالُ الحورِ حورٌ
ظنَّ ليلاً فرقدْ
* * *
أعطني النايَ و غنِّ
فالغنا جسمٌ وروح
وأنينُ الناي ابقى
من غبوق وصبوحْ
.............................
جبران خليل جبران
المواكب