جسور ثقة مفقودة
ليس من الممكن فصل التطوارت الداخلية في العراق عن امتداداتها الخارجية، اقليميا وعالميا. ولم يعد تدويل الوضع العراقي امرا اختياريا، انما هو تحصيل حاصل وامر واقع منذ لحظة اسقاط النظام الدكتاتوري الصدامي المقبور بجهد دوليـاقليمي معروف. ومنذ ذلك اليوم والوضع العراقي مفتوح على كل احتمالات التدخلات الاقليمية والخارجية، خاصة في ظل وجود محاور محلية ذات علاقة ما بالمحاور الدولية والاقليمية وفي ظل غياب سلطة فاعلة للدولة العراقية. وما عقد الاجتماعات الامريكية الايرانية في العاصمة العراقية سوى دليل اخر على عمق التدويل والاقلمة اللذين تتصف بهما القضية العراقية الان.
ليس من المفيد لعن الظلام بطبيعة الحال، ورفض التدويل والاقلمة، لأن هذا موقف ربما يكون مقبولا على الصعيد القيمي، لكنه غير منتج على الصعيد العملي والسياسي.
ثمة اسباب كثيرة لهذه الحالة بطبيعة الحال، لكن يأتي في مقدمتها ان العديد من الدول الإقليمية لا تشعر بالارتياح للوضع العراقي الراهن. وربما اورد المحللون ثلاثة اسباب من بين غيرها لحالة عدم الارتياح هذه.
اولا، المشروع السياسي الذي بشرت به الولايات المتحدة في العراق لم يكن محل قبول او رضى العديد من الدولة الاقليمية ذات التأثير في الشأن العراقي الداخلي.
ثانيا، ان نظام المحاصصة الطائفية والعرقية الذي قامت عليه الدولة العراقية اثار حفيظة بعض هذه الدول لأنه انتج معادلة سياسية داخلية لم تكن موضع قبولها ورضاها.
ثالثا، ان الوضع الداخلي وخاصة من الناحية الامنية اصبح موضع قلق لهذه الدولة خوفا من انتشار عدوى الفوضى الامنية اليها.
ربما امتلكت الطبقة السياسية العراقية مشاعر متفاوتة ازاء هذا الموقف الاقليمي نحوها، لكن هذا ليس مدعاة لرد فعل عاطفي او اعلامي من نوع ما. انما المطلوب من هذه الطبقة وحكومتها التحرك الاقليمي السريع والمكثف لبناء جسور ثقة مفقودة بينها وبين بعض دول الاقليم.