الارهاب والكهرباء
اليوم هو الاول من شهر تموز.
بالنسبة لي يمثل هذا اليوم الوعد الذي ضربه وزير الكهرباء لي بحصول المواطن العراقي على ما يقارب 10 الى 12 ساعة من الكهرباء.
وبالنسبة للمواطن العراقي في الداخل لا يحمل هذا اليوم شيئا جديدا. فما زالت الكهرباء عزيزة على النفوس. ولم تستطع لا الوطنية ولا المولدة ان تكسر حدة حر صيف العراق، بسبب عدم قدرتها على الوصول الى بيوتهم. سألت عددا من المواطنين العراقيين، لا على التعيين، عن وضع الكهرباء يوم امس، فكانت اجاباتهم تترواح من "زفت" و "زبالة" وغيرها من الكلمات المماثلة. تزور الطائفة الكهربائية منطقة الامين في بغداد الساعة العاشرة ليلا، وتقضي ليلتها هناك، قبل ان تسرع في المغادرة صباحا. احدهم تساءل عن السبب، فقالوا له :"بخت". لا يمكنني بطبيعة الحال الاعتماد على البخت في تقييم الحالة الكهربائية في العراق.
المنطقة الخضراء خارجة عن الصدد.
يوم امس الاول، حدث ثمة امر اخر.
فقد فجر "مسلحون" انبوبا للنفط الخام يغذي محطات كهربائية رئيسية في بغداد وجنوبها ما ادى الى توقف الضخ. يقوم الانبوب الضحية بنقل النفط من قرية مويلحة بالقرب من ناحية الاسكندرية، الى محطة المسيب الحرارية ويغذي محطة كهرباء الدورة في بغداد.
لا يمكن وصف هؤلاء المسلحين بغير كلمة الارهابيين، ولا يمكن اعتبار تفجير انبوب ينقل النفط الى محطة لتوليد الطاقة الكهربائية في عز صيف العراق بانه عمل من اعمال المقاومة بطبيعة الحال.
منذ سنوات، وخطة الارهابيين تزداد وضوحا. وسبق ان شرحها لي وزير النفط الاسبق. وتستهدف الخطة محاصرة بغداد، وحرمانها من الكهرباء والوقود. والسبب واضح، فبغداد هي عصب الحياة في العراق، وضرب هذا العصب من شأنه ان يشل العراق، ويشل حكومة العراق.
تواجه وزارة الكهرباء عدة مشاكل: التخريب الارهابي، نقص الوقود، عدم صيانة المحطات المجودة، عدم بناء محطات جديدة، الاجراءات الروتينية والبروقراطية التي تعرقل انجاز العمل في وقت اسرع، وغير ذلك.
يتحمل وزير الكهرباء، وهو شخص تقني وليس سياسيا، مسؤولية كبيرة في هذا المجال، كونه المسؤول الاول عنه. لكن في نفس الوقت، لا يمكن تبرئة العناصر الاخرى من تفاقم المشكلة.
المواطن العراقي يريد العنب، ولا شغل له بالناطور. وهذا من حقه. والناطور عاجز عن توفير الكهرباء: توليدا وتوزيعا وحماية، من الارهاب ومن السرقة على حد سواء.
حسنا ما العمل؟
سبق ان طرحت فكرة خصخصة انتاج الطاقة الكهربائية، وتوزيعها، وصيانة منشئاتها، وحمايتها، على ان تبقى الاسعار تحت اشراف ومراقبة الحكومة. وسبق لعدد من رجال الاعمال العراقيين ان ابدوا استعدادهم للدخول في هذا المشروع.
عند ذاك، سيكون على الارهابيين احد امرين: اما مواصلة الحرب ضد الكهرباء، وفي هذه الحالة سيعني انهم يحاربون القطاع الخاص مباشرة، وليس الحكومة، كما يدعون. او انهم يتجنبون الاصطدام بهذا القطاع. ولست ادري أي خيار سوف تقع عقولهم المريضة عليه.
هل يمكن التفكير بهذا المقترح مرة اخرى؟