الجمعة السابعة من جمعات الإصلاح الإلهي (18-5)
بسم الله صاحب الحق العظيم والفضل الكبير والمنّ القديم
اللهم أنت حبيب قلوب الصادقين ، وأنت غاية آمال المحبين ، وأنت راحم المساكين ، وأنت خالق الخلق وحقك هو العظيم ، اللهم إن حقك أن يعرف الناس أن ذكرك شرفٌ لهم ، وحقك أن يعرفوا أن الدفاع عنك عزٌ لهم ، وحقك أن يعرفوا أن حبك فوزٌ لهم ، وحقك أن يعرفوا أن رضاك نصرٌ لهم ، وحقك أن يشغلوا قلوبهم بحبك ، وحقك أن يشغلوا أوقاتهم بذكرك ، وحقك أن يشغلوا أنفاسهم بشكرك ، وحقك أن يتركوا من أجلك هموم الدنيا ويجعلوا همهم في رضاك ، وحقك أن يستدلوا على سبل الإخلاص إليك وتوحيدك ، وحقك على الخلق أجمعين أن لا يشكـّوا بقدرتك طرفة عين ، وحقك عليهم أن لا يغفلوا عن تدخلك بإصلاحهم وعن كرمك في عيشهم ووجدانهم ، وحقك عليهم أن يروا أنوار مجدك مضيئة في السماوات والأرض ، وحقك عليهم أن يعرفوا عطفك عليهم ، وحقك أكبر لو كانوا يعلمون ، والصلاة على خير من أدى حقك ووفى بشكرك محمد الأمين وأهل البيت الطاهرين والأنبياء والأولياء والمؤمنين والصالحين الى يوم الدين .
على جميع المؤمنين في العالم أن يعلموا أن حق الله عظيمٌ عليهم ، لأنه خالقهم وموجدهم من عدم ، وهذا وحده فضل كبير منه ومنٌ كبير عليهم ، وفي هذا يكون الحق الكبير له سبحانه والواجب العظيم عليهم جميعاً ، وهو سبحانه الذي أوجد لهم الدنيا داراً للتكامل وفرصة لغفران الذنوب وإزالة العيوب والعروج في مسار التقرب إليه جل جلاله ، وهذه نعمة كبرى لا يستطيعون أداء حقها ، وهو سبحانه الذي أغرقهم بالنعم وسخـّر لهم كل ما يعيشون فيه ، وهذا كرم كبير منه جل جلاله لا يستطيعون أداء حقه مهما فعلوا ، وهو سبحانه الذي جعل لهم القضاء والقدر يخدم به مصالحهم الأخروية ويُسيِّر به شؤونهم الدنيوية ويقودهم به الى تكاملهم ، وهذا من جوده ونعمته وهذا فضل كبير لا يستطيعون أداء حقه ، وهو الذي أخذهم برحمته وسامحهم بعفوه وصبر عليهم بحلمه كي يتوبوا من ذنوبهم ويُدركوا تقصيرهم ويتراجعوا عن عنادهم ويلتفتوا بعد غفلتهم ، وفي هذا كرم عظيم منه سبحانه لا يستطيعون أداء حقه ، وهو الذي أرسل إليهم الأنبياء والأولياء وأنزل كتب السماء ليُخرجهم من همجية الإلحاد الى حضارة الإيمان ومن أمية الشرك الى علم التوحيد ومن تخلف الأخلاق الى رُقيها ومكارمها ، ولا يستطيعون أداء حقه بما أنعم عليهم بوجود خيرة الخلق بينهم وشفاعتهم لهم ، وإن يعدوا نِعَم الله لا يحصوها ، ففي كل يوم تأتيهم أرزاق الأرض والسماء وأمان الله وحفظه وعطاء الله وستره ، رغم إدبارهم عنه وقلة شكرهم له وضعف إيمانهم به وقليل يقينهم بعطاءه وكثرة شكهم بكرمه وتواصل تشكيكهم برحمته ودوام إستغناءهم عن مدده ..
فإن كنتم لا تستطيعون أداء حقه سبحانه ووفاء شكره لا يعني أن تتركوا الأمر كله وتغرقوا في هموم الدنيا وشؤونها وصراعات إنتماءاتكم ونزاعات ذاتياتكم ، تحاربون لأجل أتفه حقوقكم وتجعلون لأنفسكم حقوقاً ما أنزل الله بها من سلطان وتنسون حق الله عليكم ، فالأولى على كل البشرية أن تذكر حق الله عليها ، فهو ربها خالقها وراعيها ورازقها وهاديها وهو الأولى بها ، فكيف يذكر الإنسان حق والديه وينسى حق ربه ، وكيف يذكر حق زوجه وينسى حق ربه ، وكيف يذكر حق عياله ولا يذكر حق ربه ، وكيف يذكر حق وطنه أو مذهبه ولا يذكر حق ربه ، هذا هو الحكم الظالم والمنطق الباطل والعيش الغافل ، فيجب على كل إنسان في هذه الأرض أن يذكر حق ربه عليه كل يوم ، فيذكر ربه ويمدحه ويمجده ، ويخاف البعد عنه ، ويخشى عدم رضاه ، ويعمل كل عمل يقربه إليه ، ويدافع عنه في قلبه وأينما يكون ، ويسعى لنصرة ذكره وخدمة أولياءه .
ويجب على كل أهل الكهنوت الديني في كل الملل والمذاهب من الذين يلبسون الأزياء التي يسمونها دينية ويجعلون أنفسهم متصدين للدين بعين الناس أن يتواضعوا لله ، وأن يقللوا طمعهم بالدنيا ويُخلصوا لله ، وأن يتوبوا من أي إغترار بأنفسهم وعقولهم ويقبلوا النصيحة من الصالحين ، وأن يفتقروا الى هدي الله الذي يُنقذهم من حيرتهم وموروثهم وجمود أفكارهم وتشوش مناهجهم ويطلبوا الإنقاذ من الله سبحانه لدينهم ..
ويجب على كل السياسيين في العالم أن يخافوا الله ويحسبوا له الحساب في كل أمر ، ولا يتاجروا بدينه ، ولا يظلموا عباده ، ولا ينشروا الفتن في بلاده ، ولا يثيروا الحروب ولا يهدروا الدماء من أجل مصالح دنيوية وهمية ، وعليهم أن يتوبوا من كل تحزب وتعصب وظلم وأنانية وغش وخداع وغدر وتآمر وغفلة عن الله ، وعليهم أن يعلموا أن سياساتهم لا تصلح الناس والبلدان ولا يصلحهم إلا رضا الله وبركاته سبحانه ، فعليهم أن يدافعوا عن مصالحهم الأخروية قبل دفاعهم عن مصالحهم الدنيوية ، وهذا حق الله عليهم ..
وعلى كل الأدباء وأصحاب الفنون في العالم أن يذكروا حق الله عليهم ، فلا يكتبوا كتابة ولا يرسموا رسماً ولا يؤسسوا فناً إلا وفيه ذكر الله ومدحه وتمجيد نعمه وتعظيم حقه وإلفات الناس الى آياته وعبره وتكريم أولياءه ورسله وإرجاع الناس الى الآخرة بدل الدنيا ، وهذا حق الله عليهم ..
وحق الله على كل إمرأة وعلى كل رجل وعلى كل صبي وعلى كل شاب وعلى كل شيخ أن يحبوا ذكر الله وأن يُفضلوا مصالحهم الأخروية على مصالحهم الدنيوية ، وحقه عليهم أن يتخذوا الدنيا دار تقرب إليه ، وحقه عليهم أن يمجدوه ويعظموه ويسبحوه ويصدقوا بقدرته ويطلبوا فرجه ويعطوا الولاية لوليه ويأنسوا بحبه .
والحمد لله الذي يشكر من شكره ويعظم حق من عرف حقه