الله ربـنا وسندنـا وهو غايتنا وملاذنا


الحمد لله الذي لا ينظر الى صورنا وأجسامنا وإنما ينظر الى قلوبنا ونوايانا وأهدافنا







· الإنسان بطبيعته الدنيوية والمادية يتحايل على المطاليب الإلهية ولذلك فقد لجأ الإنسان عبر كل العصور وفي كل مراحل الأطروحة الدينية الى إعتماد التغييرات المادية في ذهنه من حيث تغيير نوع الأحكام والمعتقدات التي يلتزم بها أو تغييرات مادية من حيث تغيير نوع الطقوس والشعائر التي يعمل بها أو يتعبد بها كما يدّعي ..

· وهو بذلك قام بأكبر عملية تعتيم على المهمة الحقيقية وهي مهمة تغيير وجدانه وعقائده المعنوية , وتغيير طموحاته وأمنياته وموقفه الحقيقي من الدنيا ومن الآخرة , وتغيير جذري في علاقته مع الله وفي أبعاده النفسية بالإنتقال من التكبر الى التواضع وبالإنتقال من الإغترار الى الإفتقار , وبالإنتقال من الأنانية الى الإيثار , وغيرها من المطاليب الحقيقية التي جاء من أجلها الأنبياء والأولياء , وعمل من أجلها كل المصلحين والمرسلين في كل مراحل الأطروحة الدينية الإلهية ..

· فالمرأة مثلاً تكتفي بإرتداء لباس الحشمة أو الحجاب وأحياناً تضيف عليه لتقنع نفسها بأنها قد أدت ما عليها , وهي ترضى بهذا التغير رغم أنه تغير مادي وشكلي , فقد تكون هي في الوقت نفسه ممتلئة بالحسد أو الغيرة من أقرانها أو ممتلئة بالدنيوية أو ممتلئة بالأنانية أو تعيش حالة الغفلة الوجدانية عن أهمية حب الله وذكر الله أو تعيش حالة الإغترار بالنفس , وهي بذلك قد تحايلت على التغيير الوجداني المطلوب بتغيير مادي شكلي ..

· والرجل قد يطيل لحيته أو يلبس الزي العربي القديم بما فيه من سروال أو عمامة أو عباءة ويتردد على المسجد وهو بذلك يعيش حالة الرضا الكبير عن نفسه , وقد يُضيف الى ذلك بعض الحفظ للمعلومات الفقهية والتراثية الدينية ليشعر بأنه من الأتقياء , وهو بذلك يتحايل على التغيير المطلوب , فقد يكون في نفس الوقت هو مليء بالتعصب العشائري أو التعصب الطائفي أو ممتلئاً بالقسوة وتبرير الظلم أو يعيش حالة سوء الظن بالله , أو أنه مُعظِّم لشأن الدنيا متمنياً لكل عطاءاتها ومغانمها ومكاسبها الزائلة , أو يكون أنانياً متغطرساً عنجهياً ..

· وآخرون يذهبون الى أساليب روحانية مثل إكثار العدد في ألفاظ التسبيح أو في بعض الطقوس النهارية أو الليلية ولكنهم في نفس الوقت لا يقومون بتغيير حقيقي لوجدانهم ولموقفهم من الله سبحانه ولموقفهم من الحياة الدنيا ولموقفهم من أنفسهم ..

· فالمطلوب إذاً أن ننتبه الى أهمية التغيير العميق في وجداننا من حيث تغيير أخلاقنا مع الله ومن حيث تغيير موقفنا من الدنيا , ومن حيث تأديب أنفسنا بنكران الذات وترك التكبر والإغترار والأنانية والدنيوية , فهذا هو التغيير الذي جاء من أجله الأنبياء والأولياء , وفي هذا يكون التدين الحقيقي والإيمان الصادق والنجاح الأخروي وليس في التغييرات الشكلية.


إن مجيء زمن العدل والقسط الإلهي يعني مجيء زمن التغيير الوجداني لفكرالبشرية وروحها وأخلاقها مع الله سبحانه ومع الآخرة والتخلص من كل أشكال التدين المادي والشكلي المتحايل